بقلم سليمان جودة
سمعت مرة من المهندس صلاح دياب أنه إذا أراد إنشاء مشروع جديد، أى مشروع، بحث عن أفضل واحد يمكن أن يقوم به فى البلد، ثم عهد به إليه، وأن ذلك يعود إلى رغبة أكيدة عنده فى أن تكون كل مشروعاته هى الأولى بين المشروعات المثيلة.. لا الثانية أبداً!
وأظن أن شيئاً من هذا تجده عند رجل السياحة ناصر عبداللطيف!
والقصة عندى تعود إلى ثلاثة أعوام مضت، عندما أقمت وقتها فى واحد من فنادق الريتز كارلتون، فى عاصمة عربية، لعدة أيام!
فى ذلك الوقت، تساءلت بينى وبين نفسى عما إذا كانت هذه النوعية من الفنادق الفخمة موجودة فى بلدنا.. وحين رجعت سألت أهل الشأن، فقيل لى: ولا فندق واحد!
لم يكن «النيل ريتز كارلتون» قد جرى افتتاحه بعد، بدلاً من النيل هيلتون، رغم أن خبير السياحة العالمى، على عبدالعزيز، كان يريد افتتاحه فى عام واحد، إذا استطاع، وليس فى فترة مضاعفة بفعل أحداث الثورة من حوله، وأمامه، فى 25 يناير!
وحين جرى الافتتاح، آخر العام الماضى، فرحت، لأننا أولى الناس بأن تكون عندنا فنادق، لا فندق واحد، تحمل اسم هذه السلسلة العالمية الراقية!
ومساء أمس الأول، حضرت حفلاً ضخماً، دعا إليه عبداللطيف، وهو يقرر إنشاء فندق يحمل ماركة الريتز فى شرم!
والذين يعرفون الرجل يقولون إنه يعمل فى السياحة بالمنطق نفسه الذى أشرت إليه لدى المهندس صلاح فى عمله، أياً كان نوع هذا العمل!
ففى شرم، أو فى العلمين، أو فى البحر الأحمر، لا يسعى صاحب الريتز كارلتون الجديد وراء السائح «أبو ثلاثة قروش»، ولا يسترخص، وهو يستقدم السياح من الخارج، ولكنه يريد السائح الثرى، الذى يأتى عندنا لينفق بجد، وينفق الكثير، لا أن يقضى أسبوعاً بمائة دولار، أو مائتين!
وقد كانت هذه هى المرة الأولى التى أعرف فيها، خلال الحفل، أنه يتيح عملاً لعشرة آلاف مصرى ومصرية، وبمعنى آخر، فإنه يفتح عشرة آلاف بيت!
وهكذا الحال طبعاً مع باقى رجال السياحة الكبار، الذين يحزنهم أن تستقبل تركيا 30 مليون سائح سنوياً، وأن نستقبل نحن ثلث هذا الرقم، بالعافية، ثم يحزنهم أكثر أن تكون أنطاليا فى الجنوب التركى مقصداً للملايين، من خارج تركيا، ثم لا يكون البحر الأحمر لدينا مقصداً موازياً، ومتفوقاً على أنطاليا، وما يقال عن البحر الأحمر يقال عن أسوان، وعن الأقصر، وعن الساحل الشمالى، فضلاً عن شرم، وعن عشرات المواقع التى تمثل كنوزاً حقيقية فى أيدينا، ولكننا لا نعرف إلى الآن كيف نروج لها فى العالم!
وسوف يحدث ذلك عندما تكون السياحة أولوية لدى صانع القرار، وعندما نكون على يقين من أنها «صناعة» متكاملة، لا فهلوة، وأنها يمكن أن تكون بترولاً فى أرضنا، وأن مجىء كل سائح يوازى تقريباً إتاحة فرصة عمل لباحث عنها، وأن المصريين يمكن أن يغفروا للحاكم، أى حاكم، أخطاءه، مهما كانت، بشرط أن يتيح لهم مع الأمل فرص العمل!