بقلم سليمان جودة
تلقيت رسالة من الشيخة بيبى الصباح، تضم نماذج لشتائم مؤسفة ضد الكويت، كتبها مواطنون مصريون على مواقع التدمير الاجتماعى، الشهيرة بمواقع التواصل الاجتماعى!
بحثت عن سبب للشتائم فوجدت أنه يعود إلى قرار صدر هناك، قبل أيام، بتخفيض بدل كان المدرس الوافد يتقاضاه من ١٥٠ إلى ٦٠ ديناراً!
ولأن الشتامين بلا عقول، فقد تصوروا أن المدرسين المصريين هم المقصودون بالقرار، وهو أمر غير صحيح بالتأكيد، لأن المدرسين الوافدين ليسوا المصريين وحدهم، وإنما إلى جوارهم مدرسون من جنسيات أخرى، والقرار ينطبق بطبيعة الحال على الجميع، ولا يختار المدرس المصرى «دون سواه»، ثم إن الكويت دولة ذات سيادة، لها أن تتخذ على أرضها ما تشاء من قرارات.
ورغم أن الذين شتموا الكويت كدولة آحاد من الناس، إلا أن خطورة الموقف أن اعتقاداً يتسرب لدى قطاعات من الرأى العام الكويتى بأن الشتائم جزء من حملة منظمة ضد الدولة الكويتية، وبالتالى فمن الضرورى أن يكون للحكومة المصرية موقف، وأن تعلن رفض هذه الشتائم، بأوضح لغة ممكنة، وأن تعاقب أصحابها!
وحين يتزامن هذا مع الحاصل على الجانب السعودى فمن المهم أن تنتبه حكومتنا، وأن تنتبه الدولة كلها، فى أعلى مستوياتها، إلى أن «أطرافاً» داخل البلد وخارجه لا يسعدها على الإطلاق أن تقوم علاقة جيدة من أى نوع بيننا وبين المملكة السعودية من ناحية، ولا بيننا وبين الكويت فى الناحية الأخرى.. وأن هذه الأطراف تتمنى لو أغمضت أعينها ثم فتحتها لتجد هذه العلاقة فى أسوأ حالاتها، وهو ما لا يجوز أن تسمح به الدولة عندنا، بأى حال، وأن تقطع الطريق عليه بكل سبيل ممكن!
فى موضوع خلافنا مع الإخوة فى السعودية، حول الملف السورى، تبدو دولتنا بلا لسان يشرح للرأى العام هنا، وفى الخارج، مقتضيات الخلاف الذى وقع فى مجلس الأمن قبل أيام!
إننى لم أقرأ كلاماً واضحاً، عن الرئاسة أو عن الخارجية، يقول إن مصر لا تصطف إلى جانب إيران فى سوريا، ضد السعودية، كما يشاع، وإن ذلك لو كان صحيحاً لكانت القاهرة قد أعادت علاقاتها مع طهران من زمان، وإن الاصطفاف من جانبنا، فى الأول وفى الآخر، هو فى جوار الشعب السورى فى عمومه، لا إلى جوار طرف سواه.
لم أقرأ بياناً يشرح فى أوضح الكلمات أن مصر إذا كانت تقف ضد إسقاط النظام الحاكم فى دمشق فإن هذا ليس حباً فيه، ولكن حرصاً على وحدة الأراضى السورية، وعلى تماسك الجيش السورى، الذى هو جيش كل سورى فى النهاية، وليس جيش بشار، وأن مصر تجد نفسها مخيرة بين وضع سيئ الآن فى سوريا، وبين وضع أسوأ بكثير يمكن أن يجىء لو سقط النظام ومعه الجيش السورى، وأنها مضطرة لأن تختار الأقل سوءاً بين الخيارين!
لم أقرأ بياناً يقول فى أوضح لغة إن المطلوب ليس أن تتطابق رؤيتنا مع رؤية السعودية، فى الملف السورى، ولا فى أى ملف، وإنما المطلوب أن نتوافق، وأن يتحلى كل طرف بالمرونة السياسية الكافية، وهو يتطلع نحو وجهة نظر الطرف الآخر، ونحو ضروراته!
الدولة المصرية تبدو وكأنها ابتلعت لسانها، فى وقت هى مدعوة فيه إلى أن تتكلم بكل وضوح، وإلى أن تظل تقول، ثم إلى أن تكون مقنعة وهى تقول!