بقلم : سليمان جودة
الذين تابعوا نبأ رحيل الدكتور يوسف والى، لابد أنهم قد لاحظوا امتلاء الصفحات فى الجرائد وعلى المواقع بعبارات النعى والمديح فى الرجل، ولابد أنهم قد استغربوا ذلك وبحثوا له عن تفسير!
فالرجل مات وانتهى الأمر، كما أنه كان يقيم خارج السلطة من أكثر من عشر سنوات، وعلى مدى هذه السنين لم يكن قادراً على أن ينفع أحداً، ولا على أن يضره.. فلماذا هذا الاحتشاد اللافت فى وداع رجل تجرد من السلطة من زمن طويل؟!.. وهو لم يكن له أبناء لنقول إن وداعه المثير للانتباه نوع من النفاق للأبناء.. وإذا كان قد عاش يحمل اسم عائلة كبيرة فى الفيوم، فالغالبية من أشقائه رحلت من زمان، ولم يعد الكثيرون منهم قادرين على جلب المنفعة لإنسان.. فلماذا تزاحم الناس على قبره يودعون ويذكرون ما عرفوه عنه من محاسن ومزايا؟!
فإذا استحضرنا الآن حملات التشويه المُجهزة التى تعرض لها، كان الأمر أدعى إلى التساؤل، والاستغراب، والبحث عن سبب معقول نفهم به ونستوعب!
التفسير عندى أن لدى عموم الناس ما يشبه الحاسة السادسة، أو ما يشبه قرون الاستشعار الدقيقة التى يستطيعون بها إدراك الحقيقة والوصول إليها، مهما تراكم عليها من أكوام الغبار والتراب، ومهما كانت عُرضة للاستهداف والتصويب!
لم أعرف الرجل ولا كنت ممن اقتربوا منه، ولكن ما قرأته عنه فى حياته ثم فى مماته يقول إنه أخلص لوطنه، وإنه إذا كان قد أخطأ فى شىء فهو خطأ الذى يعمل لا الذى يقصد، وإن قضية الزراعة فى بلده كانت أولوية عنده بحكم منصبه الذى بقى فيه طويلاً، وبحكم أنه فى الأصل فلاح يزرع ويحصد، وبحكم أنه كان يعرف أن هذا بلد مستقبله فى الزراعة وفى الصناعة وليس فى شىء سواهما!
لقد شاع بين الناس أن كلب العمدة إذا مات، فالقرية كلها تذهب لأداء واجب العزاء، ولكن العمدة نفسه إذا مات فلا أحد يسأل ولا أحد يعزى!
والحاصل أن العمدة يوسف والى أثبت أن العكس يمكن أن يكون هو الصحيح!