بقلم : سليمان جودة
هذا موضوع يخصنا فى جانب منه من حيث معناه، ويخص غيرنا على السواء، حتى ولو بدا عند الوهلة الأولى أنه موضوع أمريكى مجرد!.
والقصة أن مجلس النواب الأمريكى وافق بأغلبيته على تحويل واشنطن من مجرد مدينة تمثل عاصمة البلاد، إلى ولاية أمريكية كاملة الأركان، شأنها شأن أى ولاية أخرى.. وعندما تتحول إلى ولاية فعلًا فسوف تصبح أمريكا ٥١ ولاية، على خلاف ما عرفناها عليه منذ استقلالها ١٧٧٦!.
ولا أحد يعرف لماذا يعارض الرئيس دونالد ترامب هذا الأمر، وهو لا يعارضه فقط، ولكنه يصف الذين سيوافقون عليه من داخل حزبه الجمهورى بأنهم أغبياء!.. والظاهر أن فى المسألة بُعدًا انتخابيًا لا نراه نحن هنا.. وإلا.. ما كانت الأغلبية الديمقراطية المعارضة فى المجلس قد تحمست للموضوع إلى أبعد مدى، وما كانت نانسى بيلوسى، رئيسة المجلس، قد أيدت الخطوة وساندتها إلى أبعد الحدود!.
فالسيدة نانسى لا تجعل فرصة سانحة تمر إلا وتذهب خلالها فى الكيد للرئيس إلى أقصى مسافة ممكنة، ولانزال نذكر الطريقة العجيبة التى صفقت بها فى استقباله، حين ذهب يومًا يلقى خطابًا فى مجلس النواب!.. ثم لانزال نذكر أيضًا كيف عندما ناولها هو نسخة من خطاب له هناك، فإنها قد راحت تمزقها أمام عينيه وتقذف بها فى سلة القمامة!.. والحرب بينهما يطول فيها الكلام، وهى فى النهاية جزء من حرب أشمل يريد بها الديمقراطيون إزاحته من البيت الأبيض، بهدف الجلوس فى مكانه عندما تأتى الانتخابات فى نوفمبر المقبل!.
ولكن موضوع تحويل واشنطن من مدينة إلى ولاية مهم، وأهميته ربما تكون فى أنها بوضعها الحالى ليس لها مَنْ يمثلها فى الكونجرس، أو أن لها ممثلها الذى لا يملك حق التصويت فى مجلس النواب، ولا أحد يمثلها فى مجلس الشيوخ.. وقد كانت هذه المسألة محل شكوى دائمة لدى كثيرين من سكانها، لأنهم يرفضون أن يدفعوا ضرائبهم المستحقة ثم لا يكون هناك أحد يمثلهم فى الكونجرس لممارسة الرقابة البرلمانية الواجبة على إنفاق عائد الضرائب المدفوعة من جانب كل واحد فيهم!.
كانت هذه هى الفكرة فى الأساس، وكانت شكاواهم مستمرة، لأن الوفاء بدفع الضريبة يجب أن يقترن برقابة برلمانية كاملة على إنفاق كل سنت فيها!.
الضرائب تعنى رقابة جادة على إنفاق عوائدها، لأن ذلك يحقق هدفين معًا: ترجمة العوائد إلى خدمات عامة ظاهرة فى حياة الناس، ثم تشجيع الناس أنفسهم على المبادرة إلى سداد ضرائبهم، لأنهم يلمسون أثر إنفاق حصيلتها فى كل مكان