بقلم: سليمان جودة
كنت فى دبى، فبراير ٢٠١٨، وقرأت هناك عن ساعة الملك فاروق المعروضة فى مزاد، وكتبت عنها وقتها فى هذا المكان، داعيًا إلى أنها يجب أن يضمها متحف خاص بمتعلقات أسرة محمد على باشا. فلقد كان فاروق آخر حكامها، وكانت قد حكمت المحروسة على مدى قرن ونصف القرن، وكان رأسها محمد على باشا هو الذى أسس لمصر الحديثة فى التعليم بالذات.
وما حدث أن دار كريستيز عرضت الساعة للبيع، وقالت إن ثمنها المبدئى يصل إلى ٨٠٠ ألف دولار، ولكنها بيعت بمليون دولار تقريبًا.
وفى إبريل من السنة الماضية ظهر جواز السفر الدبلوماسى للرئيس السادات فى الولايات المتحدة، وقالت صالة مزادات هيريتج إنها ستعرضه للبيع، ولم يعرف أحد كيف وصل الجواز إلى الدار التى كانت ستعرضه!، ولكن أجهزة الدولة المصرية المعنية تدخلت وأعادته ليضاف إلى المتعلقات الشخصية للسادات فى المتحف الخاص به فى مكتبة الإسكندرية.
وقبل أيام ظهرت ساعة الرئيس جمال عبدالناصر فى الولايات المتحدة أيضًا، وقالت دار عرض سوذبيز إنها ستعرضها للبيع فى ٦ ديسمبر المقبل.. وهذه المرة أيضًا لا نعرف كيف وصلت هذه الساعة ذات السوار الجلدى إلى دار العرض الشهيرة!.
كانت السيدة تحية عبد الناصر قد أعطت الساعة للدكتور خالد عبد الناصر بعد وفاة أبيه، وكان هو قد أعطاها لابنه جمال عبد الناصر الحفيد، ومنه انتقلت إلى حيث سيتم عرضها للبيع.. وكان الرئيس السادات هو الذى أهداها لعبد الناصر فى ١٩٦٣، وقد ظل عبد الناصر يظهر بها فى كل المناسبات إلى أن غادر الدنيا. أما الغريب حقًا فهو أنها معروضة للبيع بمبلغ يصل إلى ٦٠ ألف دولار، فمثل هذا المبلغ متواضع للغاية إذا ما كانت الساعة المعروضة تحمل اسم عبد الناصر شخصيًا.
ما أعرفه أن لعبد الناصر متحفًا يضم متعلقاته فى مبنى مجلس قيادة الثورة على النيل، وأن هذا المتحف أولى بأن يضم هذه الساعة ومعها كل ما يخص الرئيس الراحل من متعلقات شخصية، لأن الأمر فى حالة مثل حالة ساعة الملك فاروق، أو جواز الرئيس السادات، أو ساعة الرئيس عبد الناصر، هو جزء من تاريخ هذا البلد.
والذين زاروا مدينة المنستير التونسية يعرفون أن فيها متحفًا يجمع كل شىء يخص الحبيب بورقيبة، من عصاه الشهيرة، إلى بدلته البيضاء، إلى الطربوش الأحمر الذى كان يضعه على رأسه فى مرحلة من مراحل حياته، إلى السبحة، إلى الخاتم، إلى النظارة، إلى القلم الخاص... إلى... إلى... فالتاريخ لا يُباع!.