بقلم : سليمان جودة
ما صدر فى السعودية والسودان، أمس الأول، سيضع الآخرين من العرب فى المنطقة فى حرج بالغ!.. ففى العاصمة الرياض، أعلن الأمير فيصل بن فرحان، وزير الخارجية السعودى، خلال مؤتمر صحفى عقده مع نظيره الألمانى هايكو ماس، أن التزام المملكة هو السلام كخيار استراتيجى، وأن حكومة بلاده تؤكد تمسكها بالمبادرة العربية وحل الدولتين!.
والمعنى أن السعودية إذا ما قررت إبرام اتفاق سلام فى الوقت الذى تراه مع إسرائيل، فإن هذا الاتفاق من جانبها لن يكون مجانيًا، وإنما سيكون مشروطًا بما أعلنه الوزير بن فرحان، خصوصًا أن المبادرة العربية المشار إليها كان الملك عبدالله بن عبدالعزيز هو الذى تقدم بها فى أثناء القمة العربية المنعقدة فى بيروت مارس ٢٠٠٢، وقت أن كان لايزال أميرًا، يرحمه الله!.
وفى الخرطوم، أصدر عمر قمر الدين إسماعيل، وزير الخارجية المكلف، قرارًا بإقالة السفير حيدر بدوى صادق، المتحدث باسم وزارة الخارجية!.. أما السبب فهو أن صادق كان قبل قرار إقالته بساعات قد دعا الحكومة فى بلاده إلى تطبيع علاقاتها مع تل أبيب!.. وكانت الأخيرة قد تلقفت ما دعا إليه المتحدث، ثم راحت تعلن أن الحكومة السودانية سوف تطلق علاقاتها مع إسرائيل خلال هذه السنة!.
ومن الواضح أن ما قاله متحدث الخارجية السودانية كان واسع الصدى فى المجتمع السودانى، وأن الحكومة لم تملك فعل شىء سوى طرده من منصبه، لعل ذلك يهدئ من غضب الناس!.
أقول ذلك رغم إيمانى بأن متحدثًا مثله لا يمكن أن يدعو إلى ما دعا إليه من تلقاء نفسه.. ثم إن علينا أن نتذكر الآن أن عبدالفتاح البرهان، رئيس المجلس الانتقالى السودانى الحاكم، كان قد التقى رئيس الوزراء الإسرائيلى فى أوغندا أول هذه السنة!.
وهكذا.. فهاتان «الرسالتان» الخارجتان من عاصمتين عربيتين فى نهار واحد تضعان الآخرين فى المنطقة فى حرج كبير، وتدعوان كل طرف عربى آخر يسمع بهما إلى التفكير طويلًا قبل الإقدام على عقد اتفاق سلام، حتى لا يكون اتفاقًا بلا مقابل حقيقى نراه أمامنا على الأرض!.