بقلم: سليمان جودة
عندما تتحدث وسائل الإعلام عن دونالد ترامب فإنها تصفه بأنه «الرئيس المنتخب» ولا شىء يمكن فهمه من هذه العبارة التى بين الأقواس إلا أن الرجل جرى انتخابه، لكنه لم يتسلم السلطة بعد.. وهذا صحيح شكلاً وموضوعاً، لأن ترامب جرى انتخابه بالفعل فى 5 نوفمبر، لكن دخوله البيت الأبيض لن يكون إلا فى 20 يناير، وبالتالى فلا سلطة الآن فى يده.
لكن الغريب أنه يتصرف كأنه فى السلطة، أو كأنه قد تسلمها فعلا، وإلا، فما معنى أن يواصل استقبال الساسة الدوليين فى منتجعه الشهير فى ولاية فلوريدا وكأنه فى مكتبه البيضاوى فى البيت الأبيض؟.. لقد استقبل رئيس وزراء كندا، واستقبل الأمين العام لحلف شمال الأطلنطى، واستقبل غيرهما من خارج الولايات المتحدة ومن داخلها على السواء.
وهو لم يتوقف عند هذا الحد، لكنه راح يحذر الدول الأعضاء فى «البريكس» بأنه سيفرض عليها جمارك مائة فى المائة، إذا فكرت فى الاعتماد على عُملة بديلة للدولار!.. وأضاف ما معناه أن الإدارة السابقة على إدارته إذا كانت قد تساهلت فى هذا الأمر، فالتساهل أو حتى التسامح فيه ليس له عنده مكان.
ومضى إلى مدى أبعد فقال إن الإفراج عن الأسرى فى غزة إذا لم يتم قبل 20 يناير، فإن البديل سيكون جحيما يعانى منه الشرق الأوسط بكامله!.. ولا بد أن هذا التحذير يعيد تذكيرنا بإنذار الإنجليز للملك فاروق فى 4 فبراير 1942 مع الفارق طبعا.. ولا تعرف أى جحيم يمكن أن يكون بعد ما عاشته غزة والمنطقة معها على مدى يزيد على السنة؟.. لكن الرئيس المنتخب يتكلم عن جحيم على كل حال، وكأن الذى عاشته غزة والمنطقة لم يكن جحيما!.
ليس هذا وفقط.. لكنه أعلن أنه سيحضر حفل افتتاح كاتدرائية نوتردام فى باريس.. ولا بد أن الذين طالعوا الخبر تصوروا مثلى أن الحفل سيكون بعد 20 يناير، فإذا بالحفل يوم السبت المقبل!.. إن حضوره سيغطى على كل ما سواه بالتأكيد، لأن هذه ستكون المرة الأولى التى يغادر فيها بلاده بعد انتخابه، ولأنه سيحضر حفلاً رسمياً يحضره 50 رئيس دولة وحكومة!.
السؤال هو كالآتى: ماذا لو حضر الرئيس جو بايدن؟.. صحيح أن حضوره لم يتأكد بعد، لكنه لو حضر سيكون للولايات المتحدة رئيسان ضيفان فى حفل رسمى يتابعه العالم، أحدهما رئيس منتهية ولايته، والآخر رئيس منتخب!.
الرئيس المنتخب لديه غرام بالسلطة غير طبيعى، وقد كان هذا الغرام فى وضوح الشمس طوال السنوات الأربع التى مضت على مغادرته البيت الأبيض فى 20 يناير 2021، وعندما نجح فى السباق الانتخابى يوم 5 نوفمبر تساءل عن السبب الذى يجعله ينتظر إلى 20 يناير.. تساءل ولسان حاله يقول: الآن الآن وليس غدا!.