بقلم : سليمان جودة
حددت الحكومة إجازة العيد من الخميس السابق عليه إلى الإثنين الماضى، ولكن الواقع يقول إن الإجازة امتدت فى الكثير من مواقع العمل إلى اليوم، وإن هناك فرقًا بين الإجازة الرسمية، التى أعلنها الدكتور مصطفى مدبولى وحدد بدايتها ونهايتها بقرار منشور، وبين الإجازة الفعلية التى حصل عليها الناس! وبحسبة بسيطة تصبح الأيام الخمسة المحددة فى القرار عشرة أيام فى الحقيقة، وكأن العمال والموظفين قرروا فى غالبيتهم ضرب الإجازة الرسمية فى اثنين!
وهذه مسألة استفزت المهندس غسان البلبل، عضو مجلس إدارة غرفة التجارة والصناعة والزراعة فى بيروت، فجلس يحسب الإجازات عندنا بالورقة والقلم، واكتشف أن مجموع أيام العمل على مدار السنة 219 يومًا، وأن أيام الإجازات بمختلف أنواعها 146!
والمهندس غسان صاحب عمل خاص فى مدينة العاشر، والحسبة التى قام بها تستند إلى تجربة عملية له طوال العام، وهو يحزنه، كما يقول فى رسالته، أن «ثقافة الإجازة» غالبة عندنا على «ثقافة العمل»، وأن ذلك فى أشد الحاجة إلى إعادة تقييم من جانب الحكومة لأن بقاء الأمر على هذه الصورة يؤثر سلبيًا على الإنتاجية، وعلى قدرة مؤسسات العمل على التنافسية، وعلى مجمل الناتج المحلى فى آخر المطاف!
وكان الدكتور مدبولى قد قرر، قبل أسابيع، ترحيل أى يوم إجازة رسمية إلى نهاية الأسبوع قطعًا للطريق على الذين يخلطون بين يوم الإجازة وما قبله أو بعده، ويتعاملون مع الموضوع بالكثير من الاستهتار وعدم المسؤولية.. وكانت هذه خطوة جيدة، ولكن الملف لا يزال فى حاجة إلى إعادة نظر فى مجمله لأننا دولة تمر بمرحلة تجد نفسها خلالها أحوج إلى العمل الجاد منها إلى أى شىء آخر!
أذكر أن الدكتورة ليلى تكلا رَوَت أنها لاحظت، أثناء زيارة لها إلى مؤسسة يابانية، أن أحد العمال كان يبدو وحيدًا حزينًا فى غرفة من غرف المؤسسة.. وكم كانت دهشتها حين عرفت أن سبب حزنه أنه وقع فى خطأ، وأن مؤسسته عاقبته بحرمانه من العمل!
وكان المعنى أن الحكومة هناك تربى مواطنيها على أن العمل هو الذى يبعث البهجة فى نفس المواطن، لا الحصول على إجازة أو الاحتيال للحصول عليها.. وهذا على وجه التحديد هو ما نحتاج إلى تربية مواطنينا عليه!