بقلم : سليمان جودة
ما لا يعرفه الدكتور طارق شوقى.. أو ربما يكون على علم به.. أن الأوراق البحثية التى يتقدم بها الطلاب هذه الأيام إلى مدارسهم، ليست من صنع أيديهم كما يجب وكما نتصور!إننا نعرف أن كورونا قد فرض على الطلاب عدم الذهاب إلى المدرسة، ونعرف أن الوزارة فكرت فى طريقة بديلة يجرى بها امتحان الطالب وتحديد مستواه، ونعرف أن تفكيرها قد هداها إلى إلزام كل طالب فى سنوات النقل الموزعة على مراحل التعليم الثلاث المختلفة، بتقديم بحث مكتوب تستطيع المدرسة من خلاله تقييم صاحبه.. وبالتالى إعطاؤه الدرجة التى ترى مدرسته أنه يستحقها!
وفى صباح الأمس، كان الوزير شوقى يناشد الطلاب عدم التكالب على المدارس، لأن الوقت لا يزال ممتداً لأسبوع أمام الذين سيتقدمون منهم بأبحاثهم ورقياً.. وكان الرجل فى الوقت نفسه، يناشد الطلاب الذين سيتقدمون إلكترونياً، ألا يدخلوا جماعياً على المنصة الرقمية المخصصة لاستقبال أعمالهم.. فالوقت أيضاً لا يزال أمامهم إلى السادس عشر من هذا الشهر!
وفى كل الحالات سوف تستقبل الوزارة الأبحاث كلها.. ورقياً أو إلكترونياً.. وسوف يجرى تقييم كل تلميذ على أساس البحث الذى يحمل اسمه، ولكنه بالطبع لا يحمل خط يده!.. وعندما يجرى إعلان النتيجة، سوف ينجح كل الطلاب فى الغالب، لأن كل طالب منهم قد راح يحتاط جيداً، وربما يحصل طلاب كثيرون على الدرجات النهائية!.. فأين المشكلة التى أحاول لفت انتباه الوزير إليها من أول هذه السطور؟!
المشكلة أن الطلاب ليسوا هم الذين جهزوا الأبحاث، ولكن الذين جهزوها وسهروا عليها وكتبوها هُم أولياء الأمور أنفسهم، ولم يفعل الطالب شيئاً سوى أنه كتب اسمه على بحث لم يكتبه ولم يبذل فيه جهداً، ولم يجرب أن يستخدم عقله فيه، ولو حتى على سبيل تدريب عضلات العقل!
حدث هذا بكل أسف.. وقد تكون هناك حالات استثنائية بالطبع، اجتهد فيها الطالب وقام بإعداد البحث بنفسه، ولكنها حالات يبدو أنها فى حدود أقل القليل.. أما الغالبية فهى فى ظنى حالات كان فيها أولياء الأمور هُم الذين يدخلون الامتحان فى الحقيقة بدلاً من الأبناء!!.. إننى أتفهم أن يتلقى الطالب عوناً من ولى الأمر فى حدود المساعدة المقبولة التى يقدمها أب لابن، ولكن أن يستقيل الطالب ويجلس الوالد فى مكانه فهذا هو الجديد حقاً!
لا أعرف ماذا يمكن للوزارة أن تفعل حين تجد نفسها أمام وضع من هذا النوع، ولكن ما أعرفه أن هذا حصل، وأن الضمير لم يؤرق الكثيرين من أولياء الأمور!!