بقلم : سليمان جودة
أذاعت قناة الغد العربى حلقة من برنامج «بيت ياسين» مع الكاتب الأستاذ محمد سلماوى، وفيها كان يتحدث عن كتاب سيرته الذاتية التى صدرت فى جزء أول تحت عنوان يقول: يومًا أو بعض يوم!
حلقة البرنامج كانت ممتعة فى الشكل وفى المضمون.. أما الشكل فلأن البرنامج يتنقل بالضيف من مكان إلى مكان داخل الاستديو وكأنه فى بيته، بينما المذيع والضيف يتناولان الطعام الخفيف على المائدة ويتحدثان عما يأكلان، ثم عن أمور الشأن العام.. أو يشربان الشاى الأخضر فى الصالون وخلفهما المكتبة ممتلئة بالكتب المرصوصة فى نظام!.. وليس هذا هو البرنامج الوحيد الذى يخاطب عقل المشاهد على هذه القناة.. ففيها برنامج الدكتور يوسف زيدان الذى يثير عقول مشاهديه!
وحين أشرت إلى كتاب السيرة هنا وقت صدورها، كان العنوان قد استوقفنى طبعًا، لأنه جزء من آية فى سورة الكهف، ولأن اختياره كان موفقًا من الكاتب الذى يتذوق اللغة العربية ويعرف حلاوة الجرس الموسيقى فى كلماتها إذا ما جلس يكتب بها!
وربما لا يعرف بعضنا أن سلماوى كتب استقالته من رئاسة تحرير جريدة «الأهرام إبدو» التى تصدر بالفرنسية عندما وصل الستين، رغم أن استمراره رئيسًا للتحرير وقتها كان ممكنًا، بل وكان أمرًا سهلًا، ولكنه أراد فى ذلك الوقت أن يتيح الفرصة لسواه، وأن يمنح نفسه الفرصة للعيش فيما بعد الستين كما يجب ويحب!
والأمر ذاته حدث من جانبه يوم كان رئيسًا لاتحاد الكتاب.. فلقد كان فى مقدوره أن يستمر.. ولكنه ترك المكان لمن يرى أنه قادر على أن يضيف!
وفى الحالتين كان يتصرف وفق ما يعرفه عن حياة الناس فى أوروبا وفى الغرب عمومًا.. فهناك يظل الواحد يعمل إلى سن الستين، فإذا جاءت هذه السن أدرك أن مرحلة مختلفة من العمر تبدأ، وأن عليه أن يستمتع بحياته فيها، وأن يعطى.. خصوصًا إذا كان يعمل بالكتابة.. عطاءً من نوع آخر!
سلماوى كان هو الذى ألقى كلمة نجيب محفوظ فى السويد يوم فاز بجائزة نوبل فى أكتوبر ١٩٨٨، وكان هو الذى عاش يساعد أديب نوبل، خلال سنواته الأخيرة فى كتابة مقالته الأسبوعية على صفحات الأهرام!.. وكان هو الذى آمن ولايزال بأن الكتابة لابد أن تحمل إلى القارئ قيمة من القيم التى بغيرها لا يجد عقله ما يضيئه على طول الطريق