بقلم : سليمان جودة
هذه المباراة السياسية الجارية منذ فترة بين الولايات المتحدة الأمريكية والسودان تظل تغرى بالمتابعة لأسباب كثيرة، ولكن السبب الأهم أنها تجسد أمامنا ملامح الطريقة التى يفكر بها الرئيس الأمريكى دونالد ترمب فى التعامل مع الدول!.
فكلما أحس ترامب بأن أسهمه تتراجع أمام المرشح المنافس فى انتخابات الرئاسة التى ستجرى ٣ نوفمبر، اختار دولة عربية، ثم دعاها إلى تطبيع علاقاتها مع إسرائيل!.. وإذا ما أحس ترامب بأن هذه الدولة العربية تعانى من نقطة ضعف، فإنه يستغلها ويظل يضغط عليها بأشد ما يمكن!.
والهدف من جانبه أن يعزز رصيده لدى جماعات الضغط اليهودية فى بلاده، فتسانده هذه الجماعات بدورها وتدعو الناخبين إلى التصويت له بدلًا من المرشح الديمقراطى المنافس!.
وحين وقع اختياره على السودان، فإنه راح يغازل الحكومة السودانية غزلًا صريحًا ويقول إن قرارها بتطبيع العلاقات مع تل أبيب سوف يقابله من ناحيته رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب على الفور!.. ولم تكن القصة غزلًا صريحًا فى حقيقتها، ولكنها كانت ابتزازًا سياسيًا مباشرًا إذا أردنا تسمية الأشياء بأسمائها!.. ولكن حكومة الدكتور عبدالله حمدوك فى الخرطوم رفضت هذا المنطق، وأعلنت أنها لا تقبل الربط بين الأمرين أيًا كانت الإغراءات الموضوعة أمامها!.
وفى اتجاه الربط بينهما، فإن ترامب قد حاول كثيرًا، فلما أصابه اليأس من التباطؤ السودانى فى اتخاذ القرار استدار يطلب دفع ٣٣٥ مليون دولار تعويضات سودانية لعائلات أمريكية فى قضايا إرهاب!.. ولم يكن الابتزاز السياسى هنا أقل منه فى قضية الربط بين رفع الاسم والتطبيع!.
وكانت الصيغة التى تحدث بها ترامب فى تغريدته عن الموضوع هى الأغرب حقًا.. قال: «عند تحويل المبلغ سأقرر رفع الاسم من القائمة»!!.
ولم تكن هذه لغة تليق برئيس دولة عظمى، ولكنه تكلمها ويتكلمها وسوف يظل يتحدث بها لو نجح، لأن هذه هى طبيعته التى تغلب التطبع!.. ولكن الواضح أن تحويل المبلغ رغم ظروف السودان الراهنة ليس نهاية المباراة، فلاتزال فيها جولات أخرى، لأن الهدف ليس هو التعويضات!.