بقلم : سليمان جودة
مع كل خبر جديد عن عودة للعالقين فى الخارج بسبب كورونا، أعود فأتذكر الدكتور فتحى البرادعى، وزير الإسكان الأسبق!أعود فأتذكر حواراً تليفزيونياً أجريته معه على قناة دريم لساعة كاملة، وقت أن كان على رأس الوزارة، وفيه كان يشرح تفاصيل «المخطط القومى لاستراتيجية التعمير» الذى كان قد سارع إلى وضعه بمشاركة من الخبراء وأهل التخصص!
كان الرجل يضعه فى عز تداعيات ٢٥ يناير ٢٠١١، وكان قد انتقل من منصب المحافظ فى دمياط، إلى كرسى الوزارة، وكان قد بادر الى دعوة أهل الشأن لوضع المخطط، وكان يفعل ذلك على أساس أن مسمى الوزارة هو: الإسكان والمجتمعات الجديدة والتنمية العمرانية.. وليس وزارة الإسكان وفقط.. وكان يدرك، منذ اليوم الأول، أن وزارته إذا كانت تتحمل عبء الإسكان، فإن مهمة أخرى تتحملها هى فتح الطريق إلى المجتمعات الجديدة والتنمية العمرانية!
وبالمناسبة.. فإن المهندس إبراهيم محلب، والدكتور مصطفى مدبولى، والمهندس خالد عباس، نائب وزير الإسكان، كانوا فى المقدمة بين الذين شاركوا فى وضع ذلك المخطط المهم.. وهو مهم للغاية.. لأن منطق الدكتور البرادعى فى وضعه كان كما يلى: إذا كان ميدان التحرير يمتلئ بمن يمتلئ بهم.. وقتها.. وإذا كان الخلاف مشتعلاً بين السياسين حول أسبقية الدستور على انتخابات الرئاسة والبرلمان، أو العكس، فالأفضل لوزارة هذا هو مسماها، وهذه هى مهمتها، أن تبتعد عن الميدان وعن خلافات الساسة، وأن تعكف على وضع ما يمكن أن يخاطب مستقبل البلد بجد على المدى البعيد.. كان هذا هو المنطق، وكانت بقيته أن الأمور ستهدأ ذات يوم، والانتخابات ستجرى ذات صباح، والدستور سيوضع ذات نهار، وعندها يكون مثل هذا المخطط جاهزاً للعمل به وعليه!
وهذا ما كان بالضبط!
فماذا يجعلنى أتذكر الرجل وأتذكر مخططه؟!.. أتذكره لأنه ذكر فى حلقة البرنامج، الموجودة فى قناة دريم، أن الدراسة العلمية التى قام المخطط على أساسها أشارت إلى أن مصر تستوعب ٣١٠ ملايين من السكان!.. وهذا الكلام ليس دعوة إلى زيادة السكان طبعاً.. لكنه دعوة هذه الأيام إلى عدم القلق من عودة مصريين كثيرين من الخارج.. فبلدهم ربما يكون أولى بهم من بلاد أخرى، والطاقة التى يبذلونها هناك أجدى بهم أن يبذلوها هنا، عندما يأذن الله تعالى أن يذهب هذا الوباء عن الناس!.