بقلم : سليمان جودة
ذهاب الحكومة إلى طلب قرض جديد من صندوق النقد ليس أمراً سهلاً عليها ولا على الناس، ولكنه ڤيروس كورونا الذى أرغم حكومات فى العالم وفى المنطقة.. لا الحكومة المصرية وحدها.. على السير فى طريق كانت لا تفكر فى العودة إليه!.
وليس أدل على ذلك من أن الحكومة التركية ذهبت تطلب المساعدة من البنك الدولى، رغم أنها عضو فى مجموعة العشرين التى تضم أكبر عشرين اقتصاداً فى العالم!.
ولو أنت قرأت حديث حاكم مصرف لبنان المركزى، رياض سلامة، عن أن الحكومة فى بيروت أنفقت الأموال ولم تنفذ الإصلاحات المطلوبة فى الاقتصاد.. فسوف تنتبه الى أن إصلاحات الاقتصاد التى بادرت بها القيادة السياسية بدءاً من نوفمبر ٢٠١٦ كانت فى وقتها، رغم أعباء كبيرة أضافتها هذه الإصلاحات على آحاد الناس.. ولكنّ عزاءنا أن الأعباء كانت ستصبح مضاعفة، لو أن خطوات الإصلاح تأخرت عن موعدها الذى بدأت فيه!.
وأنا أصدق الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء، عندما يقول فى اجتماع المجلس أمس الأول، إن طلب قرض جديد من الصندوق لن يؤدى الى تأثيرات سلبية فى حياة المواطنين، على مستوى ارتفاع أسعار السلع أو الخدمات العامة!.
أصدقه تماماً.. ولكنه سيد العارفين بأن صندوق النقد ليس جمعية خيرية، ولا البنك بطبيعة الحال، وأنهما يمنحان قروضاً وفق مطالب محددة من الدول التى تطلب القروض.. وأذكر حين حصلنا على القرض السابق الذى بلغ ١٢ مليار دولار، أنى سألت مسؤولاً كبيراً فى الدولة عما يطلبه الصندوق منا فى مقابل الحصول على القرض، فضحك الرجل ولم يشأ أن يجيب!.
وكانت ضحكته إشارة واضحة إلى أن المؤسسات الدولية من نوعية الصندوق أو البنك لا تعطى قروضاً لوجه الله، ولكنها تمنح قروضها وتطلب ما تراه فى مقابلها، ولا يهمها فى كثير ولا فى قليل ما إذا كانت الدول التى تدق بابها تتحمل ما تطلبه أو لا تتحمله.. فهذه قضية أخرى لا تفكر فيها ولا تهمها!.
وإذا كان من الضرورى أن يقال شىء هنا، فهذا الشىء هو عبارة من خمس كلمات قالها حاكم مصرف لبنان، الذى يتولى فى بلاده ما يتولاه المحافظ طارق عامر عندنا.. قال: مستقبل لبنان فى الاقتصاد المنتج!.
والرجل بالطبع يتحدث عما يخص بلاده وسط ما تمر به هذه الأيام، ولكن ما قال به هو الصحيح فى كل دولة وليس فى لبنان فقط.. ولو أراد عامر أن يقول شيئاً فلن يزيد حرفاً على ما قاله رياض سلامة!.