بقلم: سليمان جودة
أتمنى أن يخرج علينا مسؤول فى الحكومة ليقول إن ما يقال فى موضوع وكلاء استيراد السيارات ليس له نصيب من الصحة.
فما نسمعه ونقرؤه فى أكثر من مكان، أن الوكيل من هؤلاء الوكلاء إذا أراد الاستيراد فإن عليه تدبير جزء من المبلغ المطلوب وإيداعه البنك، ومن بعدها سوف يدبر البنك الجزء الباقى بموافقة من البنك المركزى لإتمام عملية الاستيراد.
فما معنى هذا؟.. معناه أن مثل هذا الوكيل سيحصل على الجزء الذى يخصه من خارج البنك، أى من السوق الموازية، وهذا من شأنه أن ينشطها من جديد، ويبعث فيها الحياة بعد أن ماتت، ويجعل للعُملة الصعبة فيها سعرًا يختلف عن سعرها الرسمى فى البنوك.
لا أحد يقبل بالسوق الموازية مرةً أخرى، ولابد أن نقاوم عودتها ونمنعها بأى طريقة، غير أن إجراءً من نوع الإجراء المطلوب لاستيراد السيارات يمكن أن يساهم فى عودة تدريجية لها دون أن ندرى ودون أن نقصد.
إن ما يعرفه الجميع أن سعر الدولار فى البنوك مستقر إلى حد بعيد، ولا وجود للسوق الموازية على أى مستوى، كما أن تحويلات المصريين فى الخارج زادت بوتيرة ملحوظة والحمد لله، وما نأمله أن تزيد أكثر وأكثر.. ولكن على الحكومة أن تنتبه إلى أن عودة السوق الموازية ولو بفارق ضئيل يمكن أن يؤثر سلبًا على تحويلات المصريين.
ولا تحتاج الأسواق إلى شىء فى مثل هذه الظروف قدر حاجتها إلى بث الكثير من رسائل الطمأنة فيها، ولكن الإجراء المطلوب لاستيراد السيارات ليس من بين هذه الرسائل، وإذا خرج علينا مسؤول فى الحكومة ليضع النقاط على الحروف فيه، فسوف يكون ذلك من قبيل قطع الطريق على عودة السوق الموازية، وسوف يكون منعًا لها من أن تطل برأسها ولو بأى مقدار.
إن الحكومة تعيد التأكيد فى كل مناسبة على أنها قادرة على الوفاء بأى تمويل مطلوب من البنوك، ومثل هذا التأكيد لابد أن يكون عمليًا طول الوقت، وبالذات إذا كان المطلوب تمويله سلعة صارت ضرورة مثل السيارات لا سلعة ترفيهية، وإذا ما فكرت الحكومة وتصرفت بهذا المنطق وبهذه الطريقة، فإن ذلك يبعث الثقة فى اقتصادنا فتتدفق العُملة الصعبة من أكثر من باب، لأن الثقة كانت ولاتزال وسوف تظل عصبًا حساسًا فى جسد أى اقتصاد.