بقلم سليمان جودة
فى حواره التليفزيونى المهم، امتنع الرئيس عن الإجابة على سؤال المليون ونصف المليون فدان، ولم يشأ أن يجيب وهذا حقه طبعاً، غير أن من حقنا، فى المقابل، أن نعيد طرح السؤال عليه، وأن نواصل الإلحاح فى طلب الإجابة، لا لشىء مطلقاً، إلا لأننا نريد للرئيس أن ينجح فى المشروع الذى ارتبط باسمه، وألا يذهب إليه أو حتى يواصل العمل فيه إلا إذا كان واثقاً من ضمانات نجاحه بنسبة مائة فى المائة.. لا أقل!
السؤال فى الحوار كان هكذا: هل هناك دراسة جدوى اقتصادية متوافرة لمشروع المليون ونصف المليون فدان، يستطيع أى مصرى أن يطالعها، وأن يقرأ تفاصيلها وخطوطها العريضة؟!
ولست أريد أن أتكلم نيابة عن الدكتور محمود عمارة، الذى كان أول الذين أثاروا موضوع دراسة الجدوى، وواصل السؤال عنها مراراً، وبشجاعة سوف تظل محسوبة من ميزانه.. فهو موجود، ويستطيع أن يعود لموضوعه إذا أراد.. غير أن الذين تابعوا كتابات الرجل عن الموضوع يذكرون جيداً أنه كان يتحدث فى أمر يفهم فيه عن تجربة له فى عدة دول، وليس عن مجرد قراءة فى أوراق هنا أو هناك!.
والذين تابعوا تلك الكتابات فى حينها يذكرون جيداً أيضاً أن الدكتور عمارة لم يكن ضد مشروع المليون ونصف المليون فدان أبداً، ولا كان ضد أن يصبح الرقم عشرة ملايين فدان، ولا أنا طبعاً ضد ذلك، فكلانا داعم للرئيس، وكلانا راغب بصدق فى أن ينجح الرئيس، ليس بمستوى جيد، ولا جيدا جداً، وإنما بامتياز.. ولا شىء دون الامتياز!.
غير أن النجاح على هذا المستوى فى استصلاح الصحراء والاستثمار فيها له شروطه، وهى فى حالة المليون ونصف المليون فدان أربعة شروط لا خامس لها، أولها أن يقوم المشروع على بحوث زراعية وإرشاد من النوع الحقيقى، من أجل تعظيم العائد من ورائه كمشروع فى نهاية المطاف.
وثانيها، أن يستند المشروع إلى «التعاونيات» كفكرة أساسية، حتى لا يتكرر مع الشباب، الذين سوف يلحقون للعمل به هناك فى صحرائنا، ما يحدث مع الفلاحين فى مواسم حصاد الأرز والقمح عندما يظل المحصول مُلقى على الأرصفة لأسابيع وربما لشهور!.
وثالث الشروط، أن يقترن المشروع بالتأسيس لتصنيع زراعى يتوازى معه فى مكانه، فيعمل فيه عندئذ، مائة ألف شاب- مثلاً- بدلاً من أن يكونوا عشرة آلاف!.
وآخر الشروط، أن نكون جاهزين مبكراً لتصدير محصول المشروع إلى دول من حولنا، لأن عقود التصدير فى مجال الزراعة يجرى توقيعها مبكراً جداً، ولأنه من السذاجة أن نتصور أن التفكير فى التصدير لجلب الدولار إلى خزانتنا العامة يأتى فى وقت لاحق لزراعة محاصيل المشروع.. إنه يتم معها، فى الوقت نفسه، لحظة بلحظة، وبالتوازى، وقدماً بقدم!.
ثم السؤال الأهم: إذا كنا سوف نُنفق على كل فدان من إجمالى المساحة ألف جنيه مثلاً، فهل سيكون عائده أكبر منها، أو مثلها على الأقل، أم أنه سيكون أقل؟!.. هذه ألف باء أى دراسة لأى جدوى اقتصادية فى الصحراء، أو فى غير الصحراء، لأننا فى النهاية إزاء مال عام، لا يجوز إنفاق قرش صاغ واحد منه إلا فى مكانه!.
سيادة الرئيس.. نتكلم معك، ونحن لا ناقة لنا ولا جمل فى المشروع بأكمله سوى الرغبة الحقيقية فى نجاحك، الذى هو نجاح للبلد كله.. أما العكس، لا قدر الله، فلا أنت تحتمله، ولا نحن، ولا هذا البلد العظيم بالتالى!.