بقلم : سليمان جودة
هل يمكن الرهان من جديد على مجلس الأمن فى الوصول الى حل لقضية السد الإثيوبى؟!.. لقد ذهبنا إليه من قبل، وكان الأمل أن «يفعل» شيئاً، لا أن «يتكلم» عن القضية، ثم يقول إنه يدعم جهود الاتحاد الإفريقى فى حلها!!.. كانت فرنسا هى التى ترأسه عندما ذهبنا إليه الشهر الماضى، وكانت هى التى حددت موعداً هناك لمناقشة الملف، ثم لم نصل إلى شىء.. بينما إثيوبيا تواصل مراوغاتها التى صارت مملة، وسخيفة، ومكشوفة!.
وهل هناك من السخف، والملل، والانكشاف، أكثر من أن تعلن عن الشىء ونقيضه فى نهار واحد، فتقول.. مثلاً.. إنها بدأت ملء بحيرة السد، ثم تنفى بدء الملء؟!.. هل يمكن الحديث عنها، وهذا هو حالها، باعتبارها دولة مسؤولة فى مجتمع دولى مسؤول؟!
إننى لا أتحمس للذهاب إلى المجلس مرةً ثانية، ولا أنصح باللجوء إليه مجدداً، حتى ولو كانت رئاسته قد انتقلت إلى ألمانيا هذا الشهر، مع ما بيننا وبين الألمان من علاقة ممتازة.. فالألمان فى النهاية ليسوا من بين الأعضاء الدائمين فى مجلس الأمن، وتأثيرهم فى وضع قضية مثل قضية السد فى إطارها الصحيح، ليس هو التأثير الذى نحتاجه وننتظره ونسعى إليه!.
وقد تمنيت لو أن الخارجية المصرية خاطبت مكتب أنطونيو جوتيريش، أمين عام الأمم المتحدة، بما يلفت انتباهه إلى أنه لا يجوز أن يخاطب الدول الثلاث.. مصر والسودان وإثيوبيا.. بلهجة واحدة، لا لأننا نضع أنفسنا مع السودان فوق إثيوبيا، ولكن لأنه لا وجه للمقارنة بين موقفنا نحن هنا فى القاهرة، وبين الموقف الإثيوبى فى القضية نفسها.. وإلا.. فكيف تكون أديس أبابا على هذه الدرجة من المراوغة، والتعنت، والصلف، والكذب، والخداع، ثم يتساوى موقفها مع موقفنا، فى كل خطاب يخرج من مكتب السيد جوتيريش، داعياً الدول الثلاث إلى اغتنام الفرص المتبقية والتوصل لحل؟!
إن الحكومة الإثيوبية.. التى يرأسها رجل حاصل على جائزة نوبل فى السلام!!.. لم تترك أى فرصة سانحة إلا وبددتها.. ولم تمر فى أى اختبار مع القاهرة والخرطوم إلا وسقطت فيه.. ولم تجتمع على مائدة مع العاصمتين إلا وخرجت بعدها بساعة تتخلى عما جرى الاتفاق عليه!.
إذا كان الهدف من الذهاب إلى مجلس الأمن، وضع ما يسمى المجتمع الدولى أمام مسؤولياته، فلقد فعلنا ذلك بقوة فى المرة الأولى.. ولذلك.. فالذهاب مرة ثانية هو ذهاب إلى مكلمة لا تحل ولا تربط!.. الحل هنا بأيدينا، وأوراقنا، وأدواتنا، ومن داخل البيت الإفريقى الذى رفعنا رايته سنة كاملة!.