بقلم : سليمان جودة
تبدو ليبيا على حدودنا فى الغرب، مسرحاً لأشياء ترسل ألف علامة استفهام، ومن الطبيعى أن كل ما يحدث هناك يمسنا بشكل مباشر، فهى عمق ممتد لنا بقدر ما نحن عمق ممتد لها، وبعض ما يجرى على أرضها يقصدنا أكثر مما يقصدها!
وفى ساعة مبكرة من صباح أمس، كان الجيش الوطنى الليبى بقيادة المشير خليفة حفتر، قد أعلن إسقاط طائرة بدون طيار أمريكية، كانت تحلق فوق العاصمة طرابلس.. وقد نقلت قناة سكاى نيوز العربية عن القيادة العسكرية الأمريكية لإفريقيا (أفريكوم) قولها إن الطائرة كانت تتولى تقييم الوضع الأمنى فى المنطقة وكانت تراقب النشاط المتطرف!
إلى هذا الحد من الرواية تبدو القصة عادية، أو أقرب إلى العادية، ولكن غير العادى فيها، أن تنقل القناة عن القيادة الأمريكية أن الطائرة كانت تمارس مهمتها بتنسيق مع المسؤولين الحكوميين المناسبين !.. فالسؤال هو: مَنْ فى نظر أفريكوم يُعتبر مسؤولاً ليبياً حكومياً مناسباً، ومَنْ لا يُعتبر كذلك؟!.. سؤالى سببه أن إدارة الرئيس الأمريكى دونالد ترمب كانت قبل أيام قد طلبت من حفتر، وقف ضربات الجيش الوطنى للميلشيات فى العاصمة!!
حدث هذا رغم أن ترمب نفسه كان قد اتصل بالمشير حفتر عند بدء الضربات، وأثنى على جهده فى الوقوف ضد الإرهاب على الأراضى الليبية!
وقبل الطائرة الأمريكية كان الجيش الوطنى ذاته قد أسقط طائرة بدون طيار أيضاً، ولكنها كانت هذه المرة طائرة إيطالية!
وقبل الطائرتين الأمريكية والإيطالية، كان الجيش الليبى قد أسقط عدة طائرات تركية بدون طيار، وكان قد استهدف شحنات من الأسلحة القادمة من أنقرة إلى حكومة فايز السراج، التى تسيطر على مساحات من طرابلس وتحمى ميليشيات فى داخل العاصمة وضواحيها!
طائرات أمريكية، وإيطالية، وتركية، وأخرى لا نعلمها، تواصل التحليق فوق أرض ليبيا، ثم نقرأ عما هو أعجب فى برلين.. ففيها سوف ينعقد مؤتمر دولى قريباً، للبحث فى طريقة يمكن بها حل هذه المعضلة الليبية التى تتعقد يوماً بعد يوم!
والمشكلة بالطبع ليست فى أن مؤتمراً سوف ينعقد لهذا الهدف، ولا هى فى أنه سوف ينعقد فى العاصمة الألمانية، ولكن المشكلة فى أن ليبيا- التى هى موضوع المؤتمر وسبب انعقاده- ليست مدعوة إليه، ولا حتى سمحوا لها بالتواجد فى مكانه!
ليبيا تتحول إلى وجيعة مصرية وعربية!