بقلم: سليمان جودة
بدلًا من أن تتهيأ جمعية محبى الفنون الجميلة للاحتفال في العام القادم بمرور مائة عام على إنشائها، فإنها تجد نفسها مضطرة إلى إرسال الاستغاثة بعد الاستغاثة!.. والسبب أنها مهددة بالطرد من مقرها في جاردن سيتى، لأنها لا تستطيع دفع إيجار مقرها الذي عرفناها فيه على مدى سنين طويلة!
ولا أعرف ما هي حكاية المراكز الثقافية التي تحارب هذه الأيام للبقاء على قيد الحياة؟!.. ففى ذات الوقت يواجه نادى القصة في قصر العينى المشكلة نفسها التي تواجه جمعية الفنون، ولايزال النادى يستغيث لعل أحدًا ينقذه وينقذ معه جزءًا حيًا من التاريخ الثقافى للبلد!
ومن القاهرة إلى الإسكندرية، حيث يجد الأتيليه هناك أنه هو الآخر على وشك الطرد إلى الرصيف، وحيث يكتشف جمهوره أنه يكاد يأتى عليه يوم يذهب فيه إلى المقر، فيُفاجأ بأن بنيانًا من الأسمنت قد ارتفع في مكانه يُخرج لسانه لكل الذين عاشوا يترددون على المكان!
هذا لا يليق بنا كبلد لم يعرف في تاريخه الطويل بضاعة يأخذها عنه العالم أكثر من الثقافة بمعناها العام، والفنون بكل أشكالها، والتعليم بكل تخصصاته!
روى عمرو موسى في مذكراته عن «سنوات الجامعة العربية» أنه كان كلما زار تونس للقاء مع الرئيس زين العابدين، انقسم اللقاء إلى جزأين اثنين: جزء عن السياسة ومشكلاتها وقضاياها، وجزء آخر عن محمد عبدالوهاب، وموسيقاه، وأغنياته، ومسيرته، التي كان الرئيس التونسى يحفظ محطاتها وملامحها ويحمل لها الكثير من الإعجاب!
وفى الجزائر كان الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة يقول إن الأسرة الجزائرية كانت تتحلق بكامل أفرادها حول التليفزيون وقت عرض المسلسل المصرى.. وكان بوتفليقة يضحك ويقول إن وقت عرض المسلسل كان هو الوقت الأنسب أمام أي لص لسرقة أي بيت!
هذه هي مصر التي عرفها الأشقاء العرب، وهذه هي بضاعتنا التي كانت تجد رواجًا في كل عاصمة عربية، والمؤكد أن الجمعية والنادى والأتيليه من بين أدوات صناعة هذه البضاعة، وأن الدكتورة إيناس عبدالدايم لا تحب أن يقال عنها فيما بعد إنها رأت ما يواجه الكيانات الثلاثة ولم تقدم ما يجب أن تقدمه!.