بقلم سليمان جودة
كلما قرأت خبراً عن لجنة استرداد أراضى الدولة، التى يرأسها المهندس إبراهيم محلب، تذكرت على الفور الدكتور بطرس بطرس غالى!
ففى وقت من الأوقات، قرر الرئيس الأسبق مبارك وضع الدكتور غالى على رأس المجلس القومى لحقوق الإنسان!
وبصرف النظر عما إذا كان الرجل قد أضاف وقتها إلى عمل المجلس أم لا، فإن وجوده فى ذلك المنصب لم يكن وجوداً فى المكان الصحيح بأى معيار!.. وكان الطبيعى أن يكون «غالى» مبعوثاً للرئيس إلى دول أفريقيا، بعواصمها الثلاث والخمسين، لأنه كان يعرفها كما يعرف الإنسان كف يده، ولأنه كان يحتفظ بصداقات وعلاقات واتصالات مع زعمائها، لم يكن أحد يحتفظ بها سواه!
ولكن.. لأمر ما بقى فى مجلس حقوق الإنسان، فلم نكسبه فيه، وخسرناه فى الوقت ذاته هناك!
شىء من هذا ينطبق بالضبط على المهندس محلب، الذى يملك تجربة فى العمل الميدانى، تؤهله لأن يكون على رأس كل مشروع قومى كبير، لينجزه، كما لن ينجزه أحد غيره، ثم يتولى مشروعاً آخر، وثالثاً.. وهكذا!
سوف يرد واحد ويقول إن المهندس محلب يعمل مستشاراً بالفعل للرئيس لشؤون المشروعات القومية الكبرى!
وسوف أطلب بدورى ممن يقول بهذا أن يشير لى إلى مشروع كبير واحد يشرف عليه الرجل، منذ خرج من الوزارة، من أجل أن يرفع قواعده ويكمله فى موعده المحدد، ويسلِّمه للدولة؟!
إن الواضح أن منصبه الاستشارى منصب شرفى، والأوضح أن الذين يشرفون على المشروعات القومية الكبيرة لا يرحبون به فيها، ولذلك أظن أن وجوده على رأس لجنة استرداد الأراضى كان نوعاً من تعويضه عن رمزية منصبه الاستشارى، ثم أظن أكثر أن قرار الرئيس بأن تكون توصيات اللجنة ملزمة لجميع جهات الدولة كان أيضاً نوعاً من محاولة إزالة عقبات ضخمة من طريق المهندس محلب، وهى عقبات أتصور أنها لاتزال قائمة على حالها، وأن القرار الرئاسى لم يخفف منها شيئاً!
إن المهندس محلب رجل مباشر، وعملى، ولا يعرف اللف والدوران، وهى صفات أتخيل أنها لا تسعفه فى رئاسة لجنة، تكتشف بحكم مجال عملها يوماً بعد يوم أنها أمام عصابات بالمعنى الحقيقى للكلمة!
الرجل يمثل طاقة جبارة على العمل، والمتابعة، والإنجاز على الأرض، وقد اكتسب ذلك كله من سنوات وجوده على رأس «المقاولون العرب».. وعندما كان على رأس الحكومة كان يعمل بالروح نفسها.. صحيح أنه قدَّم أقصى ما يستطيعه فى رئاسة اللجنة، ولكنها ليست مكانه الطبيعى، الذى يستطيع منه أن يخدم بلده، على النحو الأفضل الذى يريده ونحتاجه تماماً!
إننى أقدِّر جداً دوره فيها، كما أقدر بالدرجة ذاتها وجود اللواء أحمد جمال الدين إلى جانبه، ولكن حبس طاقته وقدراته التى نعرفها داخلها وحدها يجعلنى أتطلع إليه دائماً على أنه رجل فى غير مكانه، لأننا أحوج ما نكون إليه فى مكانه الآخر!