توقيت القاهرة المحلي 18:08:15 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ملف السد إلى عاصمة ذات صلة بالموضوع

  مصر اليوم -

ملف السد إلى عاصمة ذات صلة بالموضوع

بقلم: سليمان جودة

انتقال ملف سد النهضة هذا الأسبوع من يد العاصمة جوهانسبرغ في جنوب أفريقيا، إلى يد العاصمة كينشاسا في الكونغو الديمقراطية، هو انتقال له إلى عاصمة ذات صلة مباشرة بالموضوع!
والذين تابعوا وقائع قمة الاتحاد الأفريقي في السادس من هذا الشهر، وفي القلب منها تسليم رئاسة الاتحاد من الرئيس الجنوب أفريقي سيريل رامافوزا إلى الرئيس الكونغولي فيلكس تشيسيكيدي، لا بد أنهم قد لاحظوا أن هذا الانتقال في الرئاسة قد رافقه في ذات الوقت، انتقال من مربع أفريقي كان الملف يراوح مكانه فيه طوال سنة مضت، من دون أن يقطع خلالها خطوة واحدة إلى الأمام، إلى مربع أفريقي أيضاً سوف يظل ملف السد فيه بامتداد سنة مقبلة، ولكنه هذه المرة مربع مختلف... ومن يدري؟! فربما غادر الملف مربعه الجديد خلال هذا العام إلى حل يرضى به أطراف السد الثلاثة في القاهرة والخرطوم وأديس أبابا!
والقصد بانتقال الملف إلى عاصمة ذات صلة مباشرة بالموضوع، أن هناك فرقاً بين أن تجري مفاوضات السد بين أطرافه الثلاثة تحت رعاية جنوب أفريقيا، بوصفها كانت رئيساً للاتحاد طوال عام مضى، وبين أن تجري المفاوضات نفسها تحت رعاية الكونغو الديمقراطية بوصفها رئيساً للاتحاد في دورته الجديدة الممتدة إلى السادس من فبراير (شباط) القادم!
هناك فارق لأن الاتحاد إذا كان يضم الدولتين في عضويته، فما يميز الكونغو أنها واحدة من إحدى عشرة دولة تشكل معاً ما يسمى دول حوض النيل!
الدول الإحدى عشرة هي: مصر، والسودان، وجنوب السودان، وإريتريا، وإثيوبيا، وكينيا، وتنزانيا، وأوغندا، والكونغو الديمقراطية، وبوروندي، ورواندا!
وربما لهذا السبب كان الرئيس الكونغولي في القاهرة قبل انعقاد قمة الاتحاد بساعات، فالرابطة بين دول حوض النهر الخالد هي رابطة مضافة فوق الرابطة الأفريقية نفسها، وما تشعر به إحدى دول الحوض وهي تحمل الملف، يختلف بالتأكيد عمّا تشعر به أي دولة أفريقية أخرى لا تنتمي إلى دول الحوض، وإن انتمت بالطبع مع شقيقاتها إلى القارة السمراء!
وربما نتذكر أن المفاوضات بين أطرافها الثلاثة قد مرت بمراحل ثلاث، فكانت المرحلة الأولى بين الدول الثلاث على نحو مباشر وبلا وسيط، وكانت الثانية في واشنطن برعاية أميركية أيام الرئيس ترمب، وهي مرحلة كادت العقدة فيها تنفك، وكادت المشكلات المعلقة تصل إلى حل، وكادت الأطراف كلها تتوصل إلى اتفاق، لولا أن المفاوض الإثيوبي قد راوغ في آخرها، فغاب عن جلسة التوقيع على الاتفاق النهائي، بدون سابق إنذار، ومن دون اعتذار، وبلا سبب يمكن أن يكون مقنعاً للطرفين الآخرين ولا حتى للدولة الراعية ذاتها!
وكان ذلك ما حدا بالرئيس الأميركي السابق إلى أن يقرر فرض عقوبات على الحكومة الإثيوبية، وأن يعلن ذلك على الرأي العام في العالم!
ولم يكن مفهوماً وقتها ولا الآن، كيف يستهين الطرف الإثيوبي بالدولة الراعية إلى هذا الحد، وكيف يقبل بالذهاب إلى الولايات المتحدة راضياً بها كراعية، ثم يخذلها في العلن عند اللحظة الأخيرة، ومعها البنك الدولي الذي كان مندوبه حاضراً؟!
ولم يكن هناك مفر من الانتقال بالتفاوض إلى مرحلة ثالثة، هي المرحلة التي دارت فيها الجلسات تحت رعاية أفريقية خالصة يتولاها الاتحاد الأفريقي ذاته، ويديرها رئيس الدولة التي تجلس على المنصة رئيساً للاتحاد، وهذا ما قام به الرئيس رامافوزا بدءاً من السادس من فبراير في العام الماضي حين تسلم الرئاسة، إلى السادس من هذا الشهر عندما سلمها!
ومما يلفت الانتباه أن آبي أحمد، رئيس الوزراء الإثيوبي، كان هو الذي دعا إلى أن تنعقد المفاوضات تحت رعاية الاتحاد الأفريقي، وبمعنى أدق كان قد دعا خلال الأيام الأخيرة من المفاوضات في واشنطن، إلى أن يرعاها الرئيس الجنوب أفريقي الذي كان وقتها على مسافة خطوات من رئاسة الاتحاد. وقتها استبشر الذين يتابعون القضية خيراً، وأحسوا بأن الدعوة لانتقالها إلى بيتها الأفريقي الذي تحت رعاية رئاسة الاتحاد، هي مؤشر على أنها سوف تجد حلها بين أطرافها!
ولكن الأسف ساد على حال القضية طيلة عام مضى، لا لشيء، إلا لأن ذلك الإحساس المتفائل الذي راود المفاوض المصري، ومعه المفاوض السوداني، ومعهما الذين يتابعون ويهتمون، لم يكن إحساساً في مكانه ولا كان تفاؤلاً في محله!
كانت دعوة آبي أحمد إلى نقل القضية لبيتها الأفريقي تعني فيما تعني أنه يرضى الاتحاد راعياً، ويقبل بالرئيس رامافوزا وسيطاً، وكانت الدعوة تعني أن رئيس الوزراء الإثيوبي سوف يُبدي تعاوناً مع الاتحاد ومع رئاسته، ولكن ما جرت به الأيام يقول العكس، ويقول إن الاتحاد لم يصادف من الطرف الإثيوبي إلا كل خذلان، ولم يحصل منه إلا على كل نكران!
والأمل الباقي أن يكون الرئيس تشيسيكيدي أوفر حظاً مع الحكومة في أديس أبابا من الرئيس رامافوزا، وأن يكون انتماؤه إلى دول حوض النهر من بين أسباب القدرة على إقناع الإثيوبيين بأن الإضرار بمصالح مصر والسودان المائية ليس مما يمكن القبول به في الدولتين!
يعرف الطرف الإثيوبي أن لدى القاهرة من الأوراق ما تستطيع به حفظ حقوقها في ماء النيل، ويعرف كذلك أن لدى الطرف السوداني في الخرطوم من الأوراق ما يستطيع بها ضمان ألا تضار بلاده من السد، وهذا ما سوف يكون على الرئيس الكونغولي أن يسعى به لدى إثيوبيا، وأن يضع أمامها عواقب عدم إدراك مثل هذه الأمور التي يجب ألا تغيب عن سياسي عاقل في أديس أبابا، فضلاً عن أن يكون هذا السياسي حاصلاً على جائزة نوبل في السلام كما هو حال آبي أحمد!
وقد يكون من حُسن الحظ في الملف، أن السودان وصل في تشدده مؤخراً إلى حد أنه قاطع حضور بعض الجلسات، ثم إلى حد أنه نصح المفاوض الإثيوبي بتغيير نهج التفاوض، الذي لا يعني في صورته الحالية شيئاً سوى إهدار الجهد وتضييع الوقت!
هذا الموقف السوداني يجب أن يكون له مردود عملي في إثيوبيا، وهذا الموقف السوداني يبيّن أن السد إذا كان سيضر بالسودانيين على الصورة التي يشرحها مفاوضهم مع بدء كل جلسة جديدة، فضرره بمصر ليس في حاجة إلى بيان يراه الإثيوبيون!
أحياناً يشعر المتابع للأمور بأن إثيوبيا لا تمضي في نهجها المتعنت، إلا عن استقواء بأطراف إقليمية ودولية تضغط على القاهرة والخرطوم لأهداف غير معلنة. هذا ما يبدو مما نراه فوق مسرح التفاوض ووراءه خلف ستار، وهذا ما سوف تتضح معالمه أكثر مع وصول الملف إلى يد الكونغو الديمقراطية!
سوف نرى خلال عام بدأ ماضياً إلى نهايته، ما إذا كان التفاوض هو بالفعل بين أطراف ثلاثة ظاهرة نراها ونتابع حركتها، أم أن على الطاولة طرفاً أو أطرافاً أخرى خفية لا نراها؟!
الكونغو ليست كغيرها على منصة الرئاسة في الاتحاد لأن انتماءها إلى مجموعة دول الحوض يجعلها أكثر قدرة على إدراك ما لا تدركه الدول الواقعة خارج المجموعة، ويعطيها القدرة على رؤية ما لا تراه إلا دولة تضمها خريطة الحوض وتشرب من نهرها!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ملف السد إلى عاصمة ذات صلة بالموضوع ملف السد إلى عاصمة ذات صلة بالموضوع



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 23:48 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يناقش إبعاد بعض وسائل الإعلام من البيت الأبيض مع نجله
  مصر اليوم - ترامب يناقش إبعاد بعض  وسائل الإعلام من البيت الأبيض مع نجله

GMT 14:12 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

النوم الجيد مفتاح لطول العمر والصحة الجيدة
  مصر اليوم - النوم الجيد مفتاح لطول العمر والصحة الجيدة

GMT 03:10 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

داليدا خليل تستعد للمشاركة في الدراما المصرية

GMT 21:21 2015 الأربعاء ,15 إبريل / نيسان

أهالي قرية السلاموني يعانون من الغرامات

GMT 02:17 2016 الثلاثاء ,21 حزيران / يونيو

فوائد عصير الكرانبري لعلاج السلس البولي

GMT 01:18 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

سامسونج تكشف عن نسخة باللون الأحمر من جلاكسى S8

GMT 17:27 2022 الثلاثاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

أطعمة تمنع مرض الزهايمر أبرزها الأسماك الدهنية

GMT 15:02 2021 الإثنين ,11 تشرين الأول / أكتوبر

ريلمي تعلن موعد إطلاق النسخة الجديدة من هاتف Realme GT Neo2T

GMT 13:46 2021 الثلاثاء ,05 تشرين الأول / أكتوبر

رامي جمال يروج لأغنية "خليكي" بعد عودة انستجرام

GMT 04:47 2021 الأربعاء ,08 أيلول / سبتمبر

{غولدمان ساكس} يخفض توقعات نمو الاقتصاد الأميركي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon