توقيت القاهرة المحلي 22:01:05 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ملف السد إلى عاصمة ذات صلة بالموضوع

  مصر اليوم -

ملف السد إلى عاصمة ذات صلة بالموضوع

بقلم: سليمان جودة

انتقال ملف سد النهضة هذا الأسبوع من يد العاصمة جوهانسبرغ في جنوب أفريقيا، إلى يد العاصمة كينشاسا في الكونغو الديمقراطية، هو انتقال له إلى عاصمة ذات صلة مباشرة بالموضوع!
والذين تابعوا وقائع قمة الاتحاد الأفريقي في السادس من هذا الشهر، وفي القلب منها تسليم رئاسة الاتحاد من الرئيس الجنوب أفريقي سيريل رامافوزا إلى الرئيس الكونغولي فيلكس تشيسيكيدي، لا بد أنهم قد لاحظوا أن هذا الانتقال في الرئاسة قد رافقه في ذات الوقت، انتقال من مربع أفريقي كان الملف يراوح مكانه فيه طوال سنة مضت، من دون أن يقطع خلالها خطوة واحدة إلى الأمام، إلى مربع أفريقي أيضاً سوف يظل ملف السد فيه بامتداد سنة مقبلة، ولكنه هذه المرة مربع مختلف... ومن يدري؟! فربما غادر الملف مربعه الجديد خلال هذا العام إلى حل يرضى به أطراف السد الثلاثة في القاهرة والخرطوم وأديس أبابا!
والقصد بانتقال الملف إلى عاصمة ذات صلة مباشرة بالموضوع، أن هناك فرقاً بين أن تجري مفاوضات السد بين أطرافه الثلاثة تحت رعاية جنوب أفريقيا، بوصفها كانت رئيساً للاتحاد طوال عام مضى، وبين أن تجري المفاوضات نفسها تحت رعاية الكونغو الديمقراطية بوصفها رئيساً للاتحاد في دورته الجديدة الممتدة إلى السادس من فبراير (شباط) القادم!
هناك فارق لأن الاتحاد إذا كان يضم الدولتين في عضويته، فما يميز الكونغو أنها واحدة من إحدى عشرة دولة تشكل معاً ما يسمى دول حوض النيل!
الدول الإحدى عشرة هي: مصر، والسودان، وجنوب السودان، وإريتريا، وإثيوبيا، وكينيا، وتنزانيا، وأوغندا، والكونغو الديمقراطية، وبوروندي، ورواندا!
وربما لهذا السبب كان الرئيس الكونغولي في القاهرة قبل انعقاد قمة الاتحاد بساعات، فالرابطة بين دول حوض النهر الخالد هي رابطة مضافة فوق الرابطة الأفريقية نفسها، وما تشعر به إحدى دول الحوض وهي تحمل الملف، يختلف بالتأكيد عمّا تشعر به أي دولة أفريقية أخرى لا تنتمي إلى دول الحوض، وإن انتمت بالطبع مع شقيقاتها إلى القارة السمراء!
وربما نتذكر أن المفاوضات بين أطرافها الثلاثة قد مرت بمراحل ثلاث، فكانت المرحلة الأولى بين الدول الثلاث على نحو مباشر وبلا وسيط، وكانت الثانية في واشنطن برعاية أميركية أيام الرئيس ترمب، وهي مرحلة كادت العقدة فيها تنفك، وكادت المشكلات المعلقة تصل إلى حل، وكادت الأطراف كلها تتوصل إلى اتفاق، لولا أن المفاوض الإثيوبي قد راوغ في آخرها، فغاب عن جلسة التوقيع على الاتفاق النهائي، بدون سابق إنذار، ومن دون اعتذار، وبلا سبب يمكن أن يكون مقنعاً للطرفين الآخرين ولا حتى للدولة الراعية ذاتها!
وكان ذلك ما حدا بالرئيس الأميركي السابق إلى أن يقرر فرض عقوبات على الحكومة الإثيوبية، وأن يعلن ذلك على الرأي العام في العالم!
ولم يكن مفهوماً وقتها ولا الآن، كيف يستهين الطرف الإثيوبي بالدولة الراعية إلى هذا الحد، وكيف يقبل بالذهاب إلى الولايات المتحدة راضياً بها كراعية، ثم يخذلها في العلن عند اللحظة الأخيرة، ومعها البنك الدولي الذي كان مندوبه حاضراً؟!
ولم يكن هناك مفر من الانتقال بالتفاوض إلى مرحلة ثالثة، هي المرحلة التي دارت فيها الجلسات تحت رعاية أفريقية خالصة يتولاها الاتحاد الأفريقي ذاته، ويديرها رئيس الدولة التي تجلس على المنصة رئيساً للاتحاد، وهذا ما قام به الرئيس رامافوزا بدءاً من السادس من فبراير في العام الماضي حين تسلم الرئاسة، إلى السادس من هذا الشهر عندما سلمها!
ومما يلفت الانتباه أن آبي أحمد، رئيس الوزراء الإثيوبي، كان هو الذي دعا إلى أن تنعقد المفاوضات تحت رعاية الاتحاد الأفريقي، وبمعنى أدق كان قد دعا خلال الأيام الأخيرة من المفاوضات في واشنطن، إلى أن يرعاها الرئيس الجنوب أفريقي الذي كان وقتها على مسافة خطوات من رئاسة الاتحاد. وقتها استبشر الذين يتابعون القضية خيراً، وأحسوا بأن الدعوة لانتقالها إلى بيتها الأفريقي الذي تحت رعاية رئاسة الاتحاد، هي مؤشر على أنها سوف تجد حلها بين أطرافها!
ولكن الأسف ساد على حال القضية طيلة عام مضى، لا لشيء، إلا لأن ذلك الإحساس المتفائل الذي راود المفاوض المصري، ومعه المفاوض السوداني، ومعهما الذين يتابعون ويهتمون، لم يكن إحساساً في مكانه ولا كان تفاؤلاً في محله!
كانت دعوة آبي أحمد إلى نقل القضية لبيتها الأفريقي تعني فيما تعني أنه يرضى الاتحاد راعياً، ويقبل بالرئيس رامافوزا وسيطاً، وكانت الدعوة تعني أن رئيس الوزراء الإثيوبي سوف يُبدي تعاوناً مع الاتحاد ومع رئاسته، ولكن ما جرت به الأيام يقول العكس، ويقول إن الاتحاد لم يصادف من الطرف الإثيوبي إلا كل خذلان، ولم يحصل منه إلا على كل نكران!
والأمل الباقي أن يكون الرئيس تشيسيكيدي أوفر حظاً مع الحكومة في أديس أبابا من الرئيس رامافوزا، وأن يكون انتماؤه إلى دول حوض النهر من بين أسباب القدرة على إقناع الإثيوبيين بأن الإضرار بمصالح مصر والسودان المائية ليس مما يمكن القبول به في الدولتين!
يعرف الطرف الإثيوبي أن لدى القاهرة من الأوراق ما تستطيع به حفظ حقوقها في ماء النيل، ويعرف كذلك أن لدى الطرف السوداني في الخرطوم من الأوراق ما يستطيع بها ضمان ألا تضار بلاده من السد، وهذا ما سوف يكون على الرئيس الكونغولي أن يسعى به لدى إثيوبيا، وأن يضع أمامها عواقب عدم إدراك مثل هذه الأمور التي يجب ألا تغيب عن سياسي عاقل في أديس أبابا، فضلاً عن أن يكون هذا السياسي حاصلاً على جائزة نوبل في السلام كما هو حال آبي أحمد!
وقد يكون من حُسن الحظ في الملف، أن السودان وصل في تشدده مؤخراً إلى حد أنه قاطع حضور بعض الجلسات، ثم إلى حد أنه نصح المفاوض الإثيوبي بتغيير نهج التفاوض، الذي لا يعني في صورته الحالية شيئاً سوى إهدار الجهد وتضييع الوقت!
هذا الموقف السوداني يجب أن يكون له مردود عملي في إثيوبيا، وهذا الموقف السوداني يبيّن أن السد إذا كان سيضر بالسودانيين على الصورة التي يشرحها مفاوضهم مع بدء كل جلسة جديدة، فضرره بمصر ليس في حاجة إلى بيان يراه الإثيوبيون!
أحياناً يشعر المتابع للأمور بأن إثيوبيا لا تمضي في نهجها المتعنت، إلا عن استقواء بأطراف إقليمية ودولية تضغط على القاهرة والخرطوم لأهداف غير معلنة. هذا ما يبدو مما نراه فوق مسرح التفاوض ووراءه خلف ستار، وهذا ما سوف تتضح معالمه أكثر مع وصول الملف إلى يد الكونغو الديمقراطية!
سوف نرى خلال عام بدأ ماضياً إلى نهايته، ما إذا كان التفاوض هو بالفعل بين أطراف ثلاثة ظاهرة نراها ونتابع حركتها، أم أن على الطاولة طرفاً أو أطرافاً أخرى خفية لا نراها؟!
الكونغو ليست كغيرها على منصة الرئاسة في الاتحاد لأن انتماءها إلى مجموعة دول الحوض يجعلها أكثر قدرة على إدراك ما لا تدركه الدول الواقعة خارج المجموعة، ويعطيها القدرة على رؤية ما لا تراه إلا دولة تضمها خريطة الحوض وتشرب من نهرها!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ملف السد إلى عاصمة ذات صلة بالموضوع ملف السد إلى عاصمة ذات صلة بالموضوع



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 22:01 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع
  مصر اليوم - البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع

GMT 17:49 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

مفاوضات غامضة بين محمد صلاح وليفربول وسط تصريحات مثيرة للجدل
  مصر اليوم - مفاوضات غامضة بين محمد صلاح وليفربول وسط تصريحات مثيرة للجدل

GMT 09:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف
  مصر اليوم - دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 18:52 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

روسيا تتعاون مع الحوثيين لتجنيد يمنيين للقتال في أوكرانيا
  مصر اليوم - روسيا تتعاون مع الحوثيين لتجنيد يمنيين للقتال في أوكرانيا

GMT 05:09 2019 الإثنين ,23 أيلول / سبتمبر

تعرف على أبرز وأهم اعترافات نجوم زمن الفن الجميل

GMT 15:04 2018 الأحد ,22 إبريل / نيسان

طريقة إعداد فطيرة الدجاج بعجينة البف باستري

GMT 00:45 2024 الأربعاء ,07 آب / أغسطس

سعد لمجرد يوجه رسالة لـ عمرو أديب

GMT 11:04 2021 الثلاثاء ,20 تموز / يوليو

منة فضالي جمهورها بمناسبة عيد الأضحى
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon