بقلم سليمان جودة
فى كل مكان أذهب إليه، أسمع انتقاداً حاداً لأداء سامح شكرى فى وزارة الخارجية، وأسأل نفسى فى كل مرة أسمع فيها مثل هذا الانتقاد الحاد عن سببه، ثم أتساءل فى حزن: كان الرجل موضع إعجاب لدى قطاع عريض من الرأى العام، وقت أن بدأت مهمته وزيراً للخارجية، فأين ذهب ذلك الإعجاب كله الآن، ولماذا تبخر؟!.. وما هى حدود مسؤولية الوزير عما يقال إنه مسؤول عنه من مطبات حادة فى سياستنا الخارجية؟!
أسمع همساً فى كل ركن عن أن الأزمة الصامتة بين القاهرة والرياض، ترجع فى أساسها إلى أداء «شكرى» فى مكانه، وأنه هو من تسبب فيها، وأنه هو من صنعها، عندما أشار على الدولة أن تصوِّت لصالح مشروعين متناقضين فى مجلس الأمن حول سوريا!
إن موقفنا من الوضع فى سوريا لم يختلف بعد التصويت إياه، عنه قبل التصويت، فلماذا إذن تأزم الحال بيننا وبين الإخوة فى السعودية منذ لحظة التصويت؟!.. ولماذا خرج مندوب المملكة فى الأمم المتحدة، ليصف التصويت فى حينه بأنه «مؤلم»؟!.. ولماذا امتلأت الدنيا يومها بكلام نسمعه لأول مرة عن سياستنا الخارجية، من نوع أن السنغال فى يوم التصويت كانت أقرب للموقف العربى الموحد منا؟!
بل منذ متى كانت مصر تجلس فى قمة أفريقية مع الجمهورية الصحراوية على مائدة واحدة، فنخرج بعدها وقد أغضبنا المغرب وخسرناه.. ولم نكسب شيئاً؟!.. وفى سبيل ماذا حدث هذا؟!.. هل هو فى سبيل إرضاء جمهورية صحراوية ليست عضواً فى الأمم المتحدة حتى هذه اللحظة؟!
السؤال الأهم: هل يصنع سامح شكرى السياسة الخارجية للبلد فى مواقف كهذه، أم أنه مجرد منفذ لها؟!.. وإذا كان هو ينفذها، شأن وزراء خارجيتنا فى أغلب الحالات، فمن بالضبط يضع سياستنا الخارجية فى اللحظة الراهنة، ومن بالتالى هو الذى ورطنا، ولايزال يورطنا فى مواقف مع دول يمكن أن نتجاوزها دون مشكلة؟!
فى وقت الإخوان، كان فى البلد وزيران للخارجية: عصام الحداد، بمنظره المخيف، إلى جوار محمد مرسى فى القصر.. ثم وزير الخارجية الرسمى، محمد كامل عمرو!
وكان مرسى يعتمد على «الحداد»، أكثر مما يسمع لعمرو بكثير، وكان الموضوع سافراً وموضع حديث فى كل محفل، وكانت الخارجية كوزارة عتيدة فى حينه، تسمع كثيراً ولأول مرة عن مواقف لنا مع دول العالم، شأنها شأن المواطن العادى الذى لا حول له ولا قوة!.. فهل عاد مثل هذا الانفصام الآن، وهل يمكن القول إن شكرى مسؤول عن هذه الأزمات الخارجية المتلاحقة فى مواقفنا، أم أن شخصاً آخر لا نعرفه ولا نراه هو المسؤول؟!
البلد لا يحتمل وجود وزيرين للخارجية، بالضبط كما لم يحتمله وقت الإخوان!