بقلم : سليمان جودة
لا أعرف إلى أى مدى تستطيع هيئة حكماء إفريقيا أن تتدخل فى قضية سد النهضة، ولكن ما أعرفه أن هناك أكثر من سبب يدعوها إلى التدخل السريع.. وكلها فى الحقيقة أسباب قوية تماماً! السبب الأول أن عمرو موسى يتولى رئاسة الهيئة خلال هذا العام، بعد أن كان قد دخلها فى وقت سابق عضواً يمثل دول شمال القارة السمراء!.. فالهيئة تضم خمسة حكماء يمثلون القارة.. حكيم منهم يمثل دول الشمال، ويمثل حكيم آخر دول الجنوب فى إفريقيا، ويمثل ثالث دول الغرب فيها، ويمثل رابع دول الشرق، بينما يمثل الخامس دول الوسط!
والسبب الثانى أن الهيئة تجمع فى عضويتها السيدة إلين جونسون سيرليف، رئيسة ليبيريا السابقة، وهى سيدة حاصلة على جائزة نوبل للسلام فى عام ٢٠١١.. وتقديرى أن جائزتها لن تكون اسماً على مسمى ما لم تعمل صاحبتها بجد على أن يكون لها دور فى إعادة العقل إلى إثيوبيا، التى لا تتوقف عن إبداء الصلف والغطرسة فى مواجهة مصر والسودان!
والثالث أن قانون نشأة الهيئة يقول إنها هيئة «حكماء».. وإذا كانت قضية السد فى حاجة إلى شىء فى هذه المرحلة من مراحلها، فهذا الشىء هو الحكمة فى تناولها، وفى النظر إليها، وفى الوصول إلى حل عادل فيها!.. ولن تتوافر الحكمة التى ننتظرها فى الملف قدر توافرها لدى هيئة تقوم على كاهل خمسة حكماء معاً!
والرابع أن قانون الهيئة يتحدث عن أن الهيئة مكلفة بتقديم المشورة إلى مجلس السلم والأمن الإفريقى، التابع للاتحاد الإفريقى، بما يمنع الصراعات فى القارة ويعمل على إدارتها وحلها.. والحقيقة أنى لا أتمنى شيئاً قدر ما أتمنى حذف كلمة «إدارة» فى التعامل مع أى قضية يتعرض لها الحكماء الخمسة، فضلاً عن حذفها عند تعرضهم لقضية السد طبعاً!.. فهناك فارق هائل بين «إدارة» أى قضية وبين «حلها».. والقضية الفلسطينية مثلاً لم تواجه معضلة فى طريقها قدر ما واجهت الإدارة بديلاً عن الحل!.. لقد مضى العالم فى طريق إدارة الكثير من القضايا الكبرى بدلاً من طريق الحل حتى أرهق أهل الأرض!
والخامس أننا إزاء قضية إفريقية لحماً ودماً، وإذا لم تبادر هيئة الحكماء باقتحامها وصولاً إلى حل عادل، فسوف تظل هيئة مقصرة فى حق نفسها، وفى حق الأمل المعقود عليها، وفى حق قارتها، وفى حق دولتين كبيرتين من دول القارة، هما مصر والسودان!
والسادس أن وجود «موسى» بالذات فيها لا بد أن يعطيها حيوية فى تناول قضية بهذه الحساسية، ولا بد أن يمنحها تميزاً فى الأداء.. ولن يتوانى عمرو موسى عن الحضور فى القلب من قضية تمثل لإثيوبيا التنمية، ولكنها تمثل لنا الحياة نفسها.