بقلم : سليمان جودة
قال بانكول أديوى، مفوض الاتحاد الإفريقى لشؤون السياسة والأمن والسلم، إن دور الاتحاد فى مفاوضات سد النهضة حيادى، وإنه يتركز فى تسيير المفاوضات بين مصر والسودان من ناحية، وبين إثيوبيا من الناحية الأخرى!.. قال «بانكول» هذا الكلام، صباح السبت، عند استئناف المفاوضات بين الدول الثلاث فى العاصمة الكونغولية كينشاسا.. وقد كان الأمل أن يقول كلامًا آخر تمامًا!.
كانت هناك أسباب كثيرة تجعله يقول كلامًا آخر، منها أن التفاوض كان هذه المرة ينعقد فى الكونغو الديمقراطية، التى تتولى رئاسة الاتحاد، بعد أن تسلمتها من جنوب إفريقيا فى فبراير الماضى.. وقد بقى الملف فى مكانه طوال رئاسة جنوب إفريقيا للاتحاد ولم يتحرك خطوة واحدة للأمام!.
ومع انتقال الملف من جنوب إفريقيا إلى الكونغو، قبل شهرين، تجدد الأمل فى أن يكون أداء الاتحاد فيه هذه المرة مختلفًا لأن الكونغو هى فى النهاية إحدى دول حوض نهر النيل، ولأن هذه الوضعية التى تميزها عن جنوب إفريقيا تجعل التوقعات فى الأداء المختلف من جانبها هى الاحتمال الراجح!.. ولماذا لا يكون راجحًا إذا كانت عضويتها فى تجمع دول الحوض كعضويتنا مع السودان فيه؟!.
إن عضوية كهذه بالنسبة لعاصمة مثل كينشاسا تجعل إحساسها بالقضية مختلفًا، وتجعل رغبتها فى أن تؤدى دورًا مغايرًا فى المفاوضات رغبة لها ما يبررها!.
وليس من الممكن أن يكون دور الاتحاد حياديًا فى حل المشكلة لأن معنى حياديته أنه يضع الدول الثلاث على أرضية واحدة من حيث مرونة كل دولة فى التفاوض، ومن حيث الرغبة فى الوصول إلى حل، ومن حيث القدرة على الإحساس بحجم المشكلة الناتجة عن عدم الحل العادل، ومن حيث الاستعداد للنهوض بالمسؤولية تجاه الدول الأعضاء فى تجمع دول حوض النهر!.
هذه كلها مراحل من المسؤولية ومن الإحساس بها، لا يمكن عند تقييم ما مضى منها أن توضع مصر والسودان مع إثيوبيا فى سلة واحدة، وإلا، فإن الاتحاد يساوى بين الأوزان غير المتساوية!.
حديث الاتحاد عن حياديته هو حديث عن حيادية فى غير مكانها لأن الحيادية فى ظروف كهذه كان معناها تشجيع الطرف الإثيوبى على مواصلة التعنت فى التفاوض، وكان معناها ألّا تجد إثيوبيا من الضغوط عليها ما يلفتها إلى عواقب ما تمارسه!.. وإذا كانت مفاوضات كينشاسا قد انتهت إلى لا شىء، فلأن الاتحاد أعلن عن حيادية منه ليست فى محلها، ولو خرج عنها فارضًا رؤية عادلة بين الدول الثلاث لكانت الحصيلة إيجابية بالتأكيد