بقلم : سليمان جودة
كان الرئيس يتحدث هذه اللهجة الجديدة تماماً عن سد النهضة، ولسان حاله يردد آية القرآن التى تقول: «كُتب عليكم القتال وهو كُره لكم».
وكان الرئيس بما قاله عن الخط الأحمر الذى تمثله حصتنا فى ماء النهر الخالد، يتحصن بالوضوح المطلوب والقوة الواجبة والحذر الذى لا بد منه، وكان يذهب إلى منطقة لم يكن يريد الذهاب إليها.. لولا أن سلوك الطرف الآخر فى إثيوبيا لم يترك فرصة لا لحوار، ولا لتفاوض مثمر، ولا لجلسات نقاش مؤدية إلى نتائجها!
وقد كانت هذه هى المرة الثانية التى يستخدم فيها الرئيس عبارة الخط الأحمر، لعل الطرف الآخر ينتبه بكل حواسه إلى ما يتعين عليه أن ينتبه إليه.. فمن قبل كان محور (سرت- الجفرة) فى ليبيا خطا أحمر، وكان رأس الدولة يعلنه فى وقته وهو يعنى ما يقول، وأظن أن التحول الحادث فى الأراضى الليبية هذه الأيام يعود، فى جانب كبير منه، إلى أن القاهرة رسمت خطا على الأرض هناك، ثم دعت كل من يقترب منه إلى أن يحترس!
من الممكن أن تكون لدى أردوغان حساباته الخاصة وهو يغلق قنوات الإخوان على أرضه، ومن الممكن أن تكون حساباته مختلفة عما نتصوره، وهو يسعى مرة بعد مرة إلى التقرب منا.. ولكن.. لا يمكن إغفال دور خط (سرت- الجفرة) الأحمر فى إعادة رسم خريطة الوجود التركى فى ليبيا، وفى بدء خروج ميليشيات الرئيس التركى من طرابلس العاصمة!
وقد توفر لحديث الرئيس فى لهجته المختلفة للمرة الأولى من الإنصات، ما يجعل «الرسالة» التى أرادتها مصر من وراء لهجتها الجديدة تصل إلى حيث يجب أن تُسمع، سواء فى عواصم صناعة القرار فى العالم، أو فى أديس أبابا باعتبارها العاصمة المعنية بما قيل!
فالمناسبة كانت احتفالاً بتعويم السفينة التى جعلت العالم يقف على أطراف أصابعه، والعالم كان بعد ستة أيام اختنقت خلالها أنفاسه يتطلع إلى احتفال القناة، ليرى ماذا سوف يقال من رأس البلاد.. وقد سمع ما طمأنه على الممر المائى الأول بين القارات، ثم كان عليه أن يسمع ما يجب أن يسمعه فى قضية السد!
الأهم فيما صدر عن الرئيس من المعانى أنها تشبه السلاح النووى بين الدول، الذى تظل قوته فى وجوده لدى صاحبه أكثر منها فى استخدامه