بقلم : سليمان جودة
عاد الدكتور على المصيلحى إلى الوزارة، مصحوباً بأمنيات عالية منا، فى أن يكون أداؤه فى هذه المرة اتصالاً لأداء سبق فى وزارة مشابهة فيما قبل 25 يناير 2011، ثم يكون أداء أفضل مما سبق، بحكم أن ست سنوات قد مرت، وبحكم أنه لما غادر مقعده فى المرة الأولى، اكتشف أن هناك أشياء كان عليه أن ينجزها، وأن الوقت لم يسعفه.. واليوم، جاءت عودته لتتيح أمامه ما لم يكن متاحاً حين كان وزيراً لأول مرة!
وهو يعرف أن الوزارة لستة أشهر أو أكثر سابقة عليه بدت كأنها بلا وزير، وبلا مسؤول يدير شؤونها، وبدا الوزير محمد على الشيخ، فى لحظات كثيرة، وكأنه تائه لا يعرف ماذا عليه أن يفعل، ولا لماذا جاءوا به إلى مكانه!
والرهان الأكبر على الدكتور مصيلحى يظل فى اتجاه أن يثبت لنا، أنه ليس وزيراً للبطاقة والسلع المدعمة التى يصرفها أصحاب البطاقات وفقط، وأنه وزير للتموين بمعناه الشامل، وأن الأسواق بامتداد مساحة البلد كله هى ملعبه، وهى مسؤوليته الأهم، ضبطاً، وأداءً، وإيقاعاً.
وإذا كان هو قد انفعل إزاء الكلام عن حاجتنا إلى فرض تسعيرة جبرية على الأسواق، وقال إنه لا تفكير فى هذا، وإن الأسواق يحكمها العرض والطلب هنا بمثل ما يحكمها الشىء نفسه فى العالم كله، فالقياس من جانبه صحيح، لولا أن هناك مسألة لا يليق أن تفوت عليه!
المسألة أن السوق تظل محكومة بحركة العرض والطلب.. هذا صحيح.. ولكن لا توجد سوق فى العالم تُباع فيها السلعة لدى منتجها بجنيهين للكيلو مثلاً.. ثم يباع الكيلو نفسه للمستهلك بعشرة جنيهات!
القصة هنا لا علاقة لها بعرض، ولا بطلب، ولكن لها علاقة بجشع تاجر يعرف أن أحداً لا يراقبه، وأن أحداً لن يلاحقه إذا باع السلعة لمستهلكها بثلاثة أضعاف ثمنها عند المنتج!
لدى الوزير مصيلحى مباحث تموين، وعنده جهاز لحماية المستهلك، وعنده جمعيات تحمل الاسم نفسه الذى يحمله الجهاز، وينقصه كوزير، أن تشعر الأسواق أنها محكومة بهذا كله، وأنها تحت العين، وأن المستهلك ليس وحده، وأنه ليس فريسة لحلقات التجار والوسطاء، حلقة وراء حلقة!
شىء آخر لا يقل أهمية، هو أنه لا يوجد بلد فى العالم لا يضع فيه البائع سعر السلعة عليها واضحاً، إلا مصر، ولذلك، ففى إمكانك أن تشترى السلعة ذاتها، وبالمواصفات نفسها، بسعر، وبسعرين، وبثلاثة!
د. مصيلحى.. أنت كنت فى البرلمان تراقب أداء الحكومة.. واليوم، هناك من يراقب أداءك، لأنك انتقلت إلى مربع لم يكن الأداء الحكومى فيه يعجبك فى أشياء كثيرة بالقطع.. ونريد أن نسمع منك أفكاراً، وأن نتابع ترجمتها فى الوزارة على يديك!
يريد المستهلك أن يحس بأن له سنداً فى الحكومة!