بقلم : سليمان جودة
ربما يكون على أطباء الامتياز، ثم على الأطباء الذين سيصدر قرار بتعيينهم فى المستشفيات الجامعية والتعليمية، ومعهم الأطباء الذين سيحصلون على الزيادة الجديدة فى بدل مخاطر المهنة، أن يتوجهوا بالشكر إلى ڤيروس كورونا.. إذا جاز أن نشكره.. لأنه فرض لهم بنوداً محددة فى الموازنة الجديدة لوزارة الصحة!
موازنة الوزارة جزء من الموازنة العامة للدولة، التى وافق عليها مجلس النواب، ثم أعلنها الدكتور محمد معيط!.. ومن قبل كان الرئيس السيسى قد وجه بزيادة مخصصات الصحة، والتعليم، والتعليم العالى، والبحث العلمى، بما يتوافق مع مواد الدستور الأربع ذات الشأن.. فالشكر للرئيس مستحق!
أما شكر الڤيروس فسببه أنه لفت انتباهنا.. وانتباه عواصم العالم كلها فى الحقيقة.. إلى أن أبواب الميزانية العامة مهمة كلها لا شك فى ذلك، ولكن هناك باباً فيها لا بد أن يتقدم على باب، إذا ما خضعت الميزانية لمبدأ فقه الأولويات، وإذا ما التفتنا إلى أن فيها المهم والأهم!
وأما الذين وضعوا دستور ٢٠١٤ الحالى، فلقد كانوا أسبق إلى إدراك هذا كله، وكانوا قد سبقوا فوضعوا أربع مواد من مواده فى برواز، وكانت هذه المواد الأربع هى التى تتكلم عن مخصصات الصحة، والتعليم قبل الجامعى، والتعليم الجامعى، ثم البحث العلمى الذى أفرد الدستور للإنفاق عليه مادة خاصة، وأعطاه ما يستحقه من إنفاق عام واهتمام!
أطباء الامتياز كانوا على موعد مع تعليمات رئاسية عند بدء هجوم كورونا، وكانت التعليمات تقضى بزيادة مكافأة الامتياز من ٤٠٠ إلى ٢٢٠٠ جنيه، وهى زيادة تشير إلى أن صانع القرار أزعجه أن تكون المكافأة على هذه الدرجة من التواضع، وأنه قد ضاعفها عدة مرات فوصلت التكلفة الإجمالية إلى ٣٥٠ مليون جنيه!
أما بدل مخاطر المهن الطبية فقد كان على موعد هو الآخر مع زيادة نسبتها ٧٥٪، وتكلفتها ملياران و٣٠٠ مليون جنيه!.. وأما الأطباء الذين سيصدر قرار بتعيينهم فى المستشفيات الجامعية والتعليمية فعددهم ٨٢٠٠، والرقم المخصص لهم فى ميزانية الوزارة ٤٠٠ مليون جنيه!
الإنفاق العام على قضية الصحة لم يعد نوعاً من الترف فى زمن ما بعد الوباء، والحكومة وهى تقرره صارت مُسيرة لا مخيرة بلغة أهل الفقه فى الإسلام!.. والمجتمع الذى استيقظ على وطأة الڤيروس سوف يظل يضع صحة المواطن فى المقدمة، وسوف يظل يطلب لها كل مزيد!