بقلم : سليمان جودة
ما معنى أن يكون القيادى الإخوانى جهاد الحداد، سجيناً، ثم يكتب مقالاً، ثم يجد المقال مكاناً للنشر فى أكبر صحيفة أمريكية دون منافس، ثم يصاحبه تهليل وتكبير فى عدد من وسائل الإعلام حول العالم؟!.
المقال عنوانه: أنا إخوانى.. ولكنى لست إرهابياً!.. والجريدة التى نشرته، هى «نيويورك تايمز» التى لا تنشر كلمة واحدة على صفحاتها، إلا لهدف، وإلا لسبب، والتى يعتبرها بعض قرائها أكبر صحيفة فى العالم، وليس فى الولايات المتحدة وحدها!
وفى أول زيارة للرئيس السيسى، إلى مقر الأمم المتحدة، بعد أشهر معدودة على أصابع اليد الواحدة، من مجيئه إلى الحكم، حاولت مجموعة مصرية متحمسة، نشر بيان فى الصحيفة ذاتها، يوضح بعضاً من الموقف السياسى المصرى وقتها أمام عواصم الدنيا.. غير أن البيان واجه رفضاً مطلقاً، رغم أن المجموعة التى صاغته، عرضت أن يكون نشره مدفوع الثمن.. ولكن دون جدوى!.
والمعنى أن النشر فيها سياسى فى كل الأحوال، وليس أمراً صحفياً مجرداً، ولا يتعلق بقضايا الرأى، وحق صاحب كل فكرة فى التعبير عنها، دون قيود!.
لا أتحدث هنا، عن ذلك الشخص الذى أخذ المقال من الحداد، فى محبسه، ولا عن تلك الجهة التى سددت ثمن نشره إلى الصحيفة، ولا عن تلك الجهات التى تعهدت كلمات القيادى الإخوانى بالاهتمام، حتى خرجت إلى النور.. لا أتحدث عن هذا كله، رغم أنه جدير بالالتفات إليه، وبالتفكير فيه، وفى معناه، ولكنى أتحدث عن مغزى هذه السهولة التى صادفها المقال فى النشر، فى بلد كان ساكن البيت الأبيض فيه، ولايزال، يرى أن جماعة الإخوان لابد أن توضع على لائحة جماعات الإرهاب!.
علينا أن نرصد أن تحولاً طرأ على موقف ترامب من الإخوان، وأن ما كان يقوله عن الجماعة، فى فترة ترشحه، ثم بعد فوزه، يختلف عما يصدر عنه، وعن أركان إدارته، هذه الأيام، وأن هذا التحول له أسبابه بالضرورة، ولم يهبط على الرئيس الأمريكى، فى أثناء النوم، ولا فى الأحلام!.
علينا أن نرصد، أن هذا التحول مرتبط فى ظنى، بأن تيريزا ماى، رئيسة وزراء بريطانيا، كانت هى أول زعيم دولى يذهب للقاء ترامب بعد دخوله مكتبه بساعات!.
صحيح أن البيان الذى صدر عن لقائهما، لم يذكر شيئاً عن الإخوان، ولا عن الجماعة، ولكنى لا أتصور أن يكون موضوع كهذا، قد غاب عن اللقاء، ليس لأن لندن هى الموطن الدولى الأول للجماعة وفقط، وإنما لأنها كانت العاصمة التى دعمت الجماعة عند نشأتها عام 1928، ثم كانت هى أيضاً العاصمة التى رعت الإخوان تاريخياً، ولاتزال ترعاهم!.
وعلينا أن نرصد، لثالث مرة، أن طائرة «ماى» غادرت واشنطن لتهبط فى أنقرة، بكل ما يعنيه أردوغان، فى هذه اللحظة، للإخوان!.
علينا أن نرصد، وأن نتعلم، وأن نعى.. ثم نتصرف!.