بقلم : سليمان جودة
مرت الوزارة المسؤولة عن التعليم فى البلد بثلاثة مسميات، إلى أن صار مسماها الحالى هو: وزارة التعليم والتعليم الفنى!
وهو مسمى ثقيل كما ترى على اللسان وعلى الأذن، فضلاً عن أنه حذف من مسماها السابق أهم ما فيه عندما أبقى كلمة التعليم وأزاح كلمة التربية!.. ولا أعرف ما إذا كانوا قد غيروا المسمى المنقوش على مبنى الوزارة العريق فى المنيرة أم لا؟!.. ولكن كل الذين مروا أمام المبنى أو زاروه يذكرون جيداً كيف كان الاسم مكتوباً بالخط العريض على مدخله هكذا: وزارة التربية والتعليم!
وفى عهود سابقة كان يقال عن الوزارة إنها وزارة المعارف.. وعندما كان طه حسين على رأسها فى آخر حكومة وفدية يناير ١٩٥٠ كان يشار إليه على أنه وزير المعارف.. وفى مرحلة تالية أصبحت وزارة للتربية والتعليم، ثم انتهت إلى وزارة للتعليم والتعليم الفنى!.. وفى حكومة المهندس إبراهيم محلب كانت قد انقسمت إلى وزارتين: واحدة للتعليم الفنى بمفرده، وأخرى للتربية والتعليم فى العموم.. وكانت هذه هى المرة الأولى والأخيرة التى يكون فيها للتعليم الفنى وزارة تخصه!
ولو سألت خبيراً من الخبراء الجادين فى المجال، فسوف تسمع منه أن المسمى الأنسب هو المسمى الأوسط الذى كان يراها وزارة ذات مهمتين متلازمتين ومتوازيتين هما التربية ومعها التعليم.. ولابد أن تقديم التربية على التعليم كان لحكمة، ولم يكن لمجرد أن تقديمها يعطى الجملة موسيقى داخلية أكثر!
والأمر هنا قد يبدو نقاشاً فى الاسم دون المحتوى، ولكنه ليس كذلك فى حقيقة المسألة، لأن الاسم يبقى دائماً جزءاً لا ينفصل عن المضمون، ولأن الاسم فى حد ذاته يظل يحدد طبيعة المضمون وحدوده!
ومن المفهوم أننا إذا رجعنا إلى مسماها الذى نشأنا جميعاً نردده، والذى كان يجعلها وزارة للتربية وللتعليم معاً، فسوف نكتشف أن القصد كان أنها وزارة معنية بالتعليم قبل الجامعى بكل ألوانه، سواء كان تعليماً فنياً بأشكاله المختلفة، أو كان تعليماً عاماً يقود صاحبه إلى الجامعة!
والمفهوم كذلك أن إعادة كلمة التربية إلى مسمى الوزارة ضرورة، لأن القصد ليس التربية بمعناها الضيق، ولكنه المعنى العام الذى يربى شخصية الطالب ويبنيها بالتربية، بقدر ما ينمى عقله ويضيف إليه بالتعليم.. أعيدوا مسماها الذى عشنا نعرفه لأنه بمضمونه الذى نعرفه أيضاً يشتغل وينشغل ببناء الإنسان!