بقلم : سليمان جودة
دعت وزارة الكهرباء والطاقة المتجددة، أمس، إلى حوار مجتمعى فى منطقة الضبعة، حول محطة الطاقة النووية التى «تقرر» إنشاؤها هناك.
ولقد وضعت من جانبى فعل «تقرر» بين قوسين، لعل القارئ الكريم ينتبه إلى أن الحوار الذى دعت إليه الوزارة سوف يكون حوارًا عبثيًا بامتياز، وسوف يكون أغرب حوار تدعو إليه أى دولة، حول أى مشروع!
فالمفهوم أن الحوار حول مشروع الضبعة، أو غير الضبعة، يدور قبل أن يتقرر إنشاؤه أصلاً، ليكون قرار الإنشاء نابعًا من الحوار وقائمًا عليه، لا تابعًا لقرار جرى اتخاذه، وانتهى الأمر!
إننى أسأل الدكتور محمد شاكر، وزير الكهرباء والطاقة المتجددة.. أسأله بكل أمانة، عما إذا كان فى إمكانه أن يعود عن قرار إنشاء المحطة، لو أن الحوار الذى دعا إليه انتهى إلى أنه لا ضرورة لها؟!
أسأله بأمانة، لأن التاريخ فيما بعد سوف يحاسبه، وسوف يسأله بقسوة عن المبررات الموضوعية التى دعته إلى أن يُساير صانع القرار فى اتجاه إنشاء محطة، ستُضيف إلى ديون مصر ٢٥ مليار دولار مرة واحدة، فى الوقت الذى كنا نستطيع فيه، ولانزال نستطيع، الحصول على الطاقة الكهربائية نفسها التى ستتولد من المحطة، بربع هذا المبلغ.. وربما بأقل؟!
أسأله لأنه لا أحد فى برّ مصر يفهم هذا التصميم على إنشاء محطة نووية بالاقتراض والديون، فى زمن يقلع فيه العالم عن هذا النوع من المحطات، ويتخلص مما عنده منها، أولًا بأول!
أسأله لأنى تنبهت للمرة الأولى، إلى أن عبارة «الطاقة المتجددة» قد أضيفت إلى مسمى وزارته، وأن معنى هذه العبارة أننا نستطيع أن نستولد الكهرباء من الشمس، ومن الرياح، ومن كل مصدر متجدد بطبيعته، وليس أبدًا من مصدر ناضب، مثل المحطة النووية!
أسأله لأنه سيد العارفين بأن المغرب تنفذ حاليًا أكبر محطة فى العالم لتوليد الكهرباء من طاقة الشمس، فى مدينة ورزازات، وهى محطة أتاحت للخبراء فى هذا المجال أن يرددوا فى أكثر من مناسبة دولية أن المغرب بفضل محطة ورزازات قد صارت: قوة شمسية عظمى!
أسأله لأنه أكبر من أن يدعو إلى حوار، هو يعرف أنه لا فائدة منه ولا جدوى، لأن قرار المحطة جرى اتخاذه قبل الحوار.. لا بعده!
أسأله لأن التاريخ سوف يسأله بقوة، وبقسوة، بحكم أنه خبير كبير فى الموضوع، ولأن خبرته كانت تحتم عليه أن يصارح أهل القرار، الذين لا يعلمون بأن هناك بدائل آمنة ورخيصة وقادرة على أن تعطينا الكمية ذاتها من الكهرباء، دون ديون ولا قروض، ولا يحزنون..! لا أن يماشيهم.
أسأله بكل أمانة: لماذا تذهب بنا يا سيادة الوزير إلى الحج، بينما الناس عائدون من الحجاز؟!