بقلم : سليمان جودة
يسألنى الدكتور محمد شتا، فى رسالة منه، عن «الأمارة» التى تقول إن الوزراء الذين جاءوا من بين أصحاب الأعمال، فى أيام مبارك، قد نجحوا، ثم يسألنى عن أسماء هؤلاء الذين نجحوا منهم!
ومناسبة السؤال أنى قلت فى هذا المكان، قبل يومين، إن خروج الوزيرة داليا خورشيد، من وزارة الاستثمار، بعد 11 شهراً فقط فى منصبها، معناه أن أداءها كوزيرة لم يكن عند مستوى الطموح الذى أرادته الدولة منها.. أو هكذا أتصور!
وكان تقديرى أن الوزيرة خورشيد، إذا كانت قد غادرت منصبها لهذا السبب - وهذا هو الغالب بالطبع - فإن أسباب نجاح الأداء من جانبها لم تكن كلها فى يديها، لأن أسباباً من بينها كانت فى أيدى وزراء آخرين فى حكومة شريف إسماعيل نفسها، ولأن «وحدة الأداء» لم تكن كما يجب، على مستوى المجموعة الوزارية التى يعنيها أمر الاستثمار فى البلد، ولأن ذلك بالضبط - أقصد الأداء الوزارى الجماعى المتسق - كان من بين أسباب نجاح الوزراء المماثلين فى زمن مبارك!
هل يجادل أحد فى أن الوزراء رشيد محمد رشيد، وأحمد المغربى، ومحمد منصور، وحاتم الجبلى - كانوا ناجحين فى أدائهم كوزراء قبل 25 يناير 2011؟!.. إنك تستطيع طبعاً أن تضيف إليهم الدكتور يوسف بطرس، والدكتور محمود محيى الدين، رغم أنهما ليسا من أصحاب الأعمال، ولكنهما، مع المجموعة التى أشرت إليها، كانوا جميعاً أصحاب أداء مكمل لبعضه، وكانوا يعملون وفق رؤية واحدة تجمعهم، بصرف النظر عن اتفاقك أو اختلافك معها، وكانوا يتوجهون نحو هدف واحد، وكان أداء كل واحد منهم «يُخدِّم» على أداء الآخر، ويكمِّله!
أما «الأمارة» التى يسأل عنها الدكتور شتا، فهى معدل النمو الذى تحقق فى حكومتهم، ولم نستطع أن نحقق نصفه على مدى حكومات ما بعد 25 يناير كلها، ودون استثناء!
وسوف يرد واحد ويقول إن المصريين فى عمومهم لم يجدوا ترجمة عملية فى حياتهم لذلك المعدل من النمو، وإن ثورة لهذا السبب قد قامت. وسوف أرد وأقول إن هذا صحيح نسبياً، وفى حدود معينة، لأن للثورة التى قامت أسباباً أخرى تماماً، ومسببات مختلفة كلياً، ليس هذا هو مكان الخوض فيها، ولأن الوصول بثمار معدل النمو المرتفع إياه إلى عموم الناس فى صورة خدمات عامة آدمية - كان مسؤولية نظام سياسى حاكم، وليس مسؤولية مجموعة وزراء أدوا فى مواقعهم أداءً جيداً ومنتجاً.
إننى مشفق على الوزيرة سحر نصر التى تسلمت حقيبة الاستثمار من داليا خورشيد، لأن شيئاً لم يتغير فى أجواء الأداء الحكومى العام ليجعل منها وزيرة أنجح للاستثمار!
وإذا أردنا أداء اقتصادياً مختلفاً، وناجحاً، ومؤدياً إلى نتيجة يلمسها الناس على الأرض، فلنراجع أداء مجموعة وزراء مبارك، التى أشرت إليها، ولنأخذ من أدائها درساً!
وربما تكون عودة الدكتور على مصيلحى وزيراً - وقد كان واحداً من المجموعة ذاتها - دليلاً على ما أقول، لولا أنى أخشى أن يشعر الرجل، بعد فترة، إذا مادامت الأجواء التى عملت فيها الوزيرة خورشيد، بأنه وزير غريب فى وزارة غريبة!