بقلم : سليمان جودة
فى بدء العام الماضى، اعتذرت المغرب عن عدم استضافة القمة العربية الدورية على أرضها، فتأجل انعقادها من موعدها السنوى المعتاد، فى مارس من كل عام، إلى يوليو، حيث انعقدت على استحياء فى موريتانيا!
وكان الأمين العام للجامعة العربية، السيد أحمد أبوالغيط، قد تسلّم عمله أميناً عاماً، قبل انعقادها بشهرين اثنين، ولذلك، لا يمكن حسابها عليه بأى معيار، لأنه جاء إلى مكتبه، بينما الاستعدادات لها كانت قد اكتملت تقريباً!
وأظن أنه بينه وبين نفسه لم يكن راضياً كل الرضا عن القرارات التى صدرت عنها فى موريتانيا، ولا عن مستوى الحضور فيها، من جانب الرؤساء، والملوك، والأمراء العرب!
هذا العام.. الأمر يختلف.. لأن قمة عمّان، التى ستنعقد فى الأردن، آخر الشهر المقبل، هى قمة الأمين العام أبوالغيط لحماً ودماً، ولابد أنه حريص، منذ عام مضى، على أن تكون مختلفة، وعلى أن يخرج عنها ما يقول لكل مواطن عربى، إنه لايزال هناك أمل، وإن هذا هو دليل وجود الأمل!
وعندما التقى الرئيس الأمريكى ترامب، مع رئيس وزراء إسرائيل فى واشنطن، قبل أسبوع، صدر عنهما كلام، يضع تحدياً مضافاً على الجامعة، وعلى القمة المقبلة معاً!
فالرئيس الأمريكى فاجأ العالم بأنه ليس متمسكاً بإقامة د ولة فلسطينية لأصحاب القضية على أرضهم، وأن حل الدولتين: واحدة فلسطينية.. وأخرى إسرائيلية إلى جوارها.. يمكن أن يكون حلاً بدولة واحدة!
إنه كلام غريب، وجديد، ومفاجئ للجميع، من ساكن البيت الأبيض، وهو كلام يعيد القضية إلى المربع الأول، وكأن كل ما مضى من وقت ومن جهد، لم يكن شيئاً!
ومن حسن الحظ أن البيان الذى صدر عن لقاء الرئيس السيسى، مع الملك عبدالله الثانى، عاهل الأردن، قبل يومين، كان واضحاً، وكان متجهاً إلى جوهر الموضوع، من أقصر طريق، حين قال إنه لا بديل عن حل الدولتين.. لا بديل!
نحن.. إذن.. أمام رئيس أمريكى يستخف بالعرب، وبقضيتهم، منذ اللحظة الأولى، ونحن فى الوقت نفسه، أمام رئيس عربى وملك عربى، يقولان له بأوضح عبارة، إن هذا استخفاف لا يجوز، ولا يمكن قبوله!
ثم إننا، إزاء قمة عربية سوف يكون عليها أن تخطو خطوتين كبيرتين، أولاهما أن ترسل الرسالة ذاتها، التى صدرت عن قمة الرئيس والملك، إلى البيت الأبيض، بكل وضوح وقوة وبتوقيع 22 حكومة عربية.. والثانية أن يخرج عنها، فيما يخص سائر القضايا، ما يعيد بعض الثقة لدى المواطن العربى فى جامعته العربية العتيدة!
كل بلد فى العالم يفتش هذه الأيام عن كيان إقليمى أو دولى ليلجأ إليه ويلوذ به، وكياننا نحن العرب، قائم وموجود وجاهز ومهيأ، ولكنه فى حاجة فقط إلى رجل يبعث فيه الحياة من جديد بأشياء عملية، بعيدة عن البيانات التى لا تسند قضية ولا تسعف دولة!
الأمل فى قمة أبوالغيط الأولى كبير!