بقلم : سليمان جودة
أبدى الدكتور مختار جمعة، وزير الأوقاف، اهتمامًا بما ذكرته فى هذا المكان، قبل أيام، وأرسل يسألنى عن عنوان المسجد الذى سمعت خطيب الجمعة فيه يدعو لشهداء المسلمين دون غيرهم، ثم عن عنوان المسجد الآخر الذى سمعت الخطيب فيه أيضًا يطالب الحاضرين بألا تكون بيوتهم غير نظيفة كبيوت اليهود!
وقد شكرت للرجل اهتمامه بالأمر.. ولكن تقديرى أن القضية أكبر من مجرد خطيب هنا يخص شهداء المسلمين بالدعاء، وأكبر من خطيب هناك يحط من شأن اليهودى فى حد ذاته، وينسى أمرين، أولهما أن اليهودى صاحب ديانة سماوية، شأنه شأن المسلم، وثانيهما أن هناك فرقًا لابد أن يكون واضحًا بين اليهود فى العالم كأصحاب ديانة نزلت من السماء، وبين اليهود الذين يعتنقون الصهيونية مذهبًا سياسيًا، لا يبالى باحتلال الأرض فى فلسطين، ولا يجد مشكلة فى الاستيلاء عليها!
القضية أكبر لأن هناك بالتأكيد خطباء آخرين على امتداد مساجد الجمهورية، يرددون ما سمعته نفسه أو ما يشبهه من المعانى والأفكار!
وبالتالى.. فالفكرة هى فى قدرة وزارة الأوقاف على تدريب الخطباء فى مجموعهم على أن يكون المنبر منصة لإطلاق الوعى الحقيقى بين الناس، لا منصة لتغييب العقول وإغراقها فيما لا علاقة بينه وبين جوهر الدين فى مقاصده العليا السامية!
والفكرة كذلك هى فى تنبيه الخطباء، الذين يخاطبون الملايين كل أسبوع، إلى أن هناك ما يُقال على المنابر وهناك ما لا يُقال، وأن الدعوة باعتبارها «رسالة» للمسجد فى مجتمعه هى لإرساء مبادئ المحبة بين المواطنين، لا لنشر الكراهية والتمييز بين مواطنين ومواطنين فى الوطن الواحد على أساس الدين!
وإذا كانت القضية أعَمَّ من خطيب سمعته هنا، وأشمل من خطيب آخر صادفته هناك، فهى فيما يظهر أوسع فى نطاقها من أن تكون مقصورة على مصر وحدها.. فقبل أيام كان الداعية عائض القرنى يغرد فى أجواء «كورونا» ويدعو الله أن يشفى مرضى المسلمين!
وقد استفز الأمر المهندس نجيب ساويرس، فغرد من جانبه مُعقِّبًا على «القرنى»، ومطالبًا إياه بأن يدعو بشفاء المسيحيين أيضًا !!.. حتى لا يمرضوا بالڤيروس فتنتقل عدواه منهم إلى المسلمين!.. وهى سخرية لاذعة من المهندس نجيب، ولكنها سخرية مستحقة وفى محلها!
هى مستحقة وفى محلها لأنه لا معنى لأن يمد رجل دين يديه إلى السماء ليدعو أن يكون الشفاء من نصيب مرضى المسلمين دون سواهم.. وإذا انطوت دعوته على معنى، فسوف تخلو من الضمير!