بقلم : سليمان جودة
وقع الدكتور جودة عبدالخالق، على عنوان جذاب لكتابه الجديد، الذي صدر عن دار الشروق.. العنوان هو: «من الميدان إلى الديوان.. مذكرات وزير في زمن الثورة»!.
أما الميدان المقصود في العنوان فهو ميدان التحرير، الذي تردد عليه الرجل أيام ٢٥ يناير ٢٠١١، وأما الديوان فهو ديوان وزارة التضامن، التي تولاها في ثلاث من حكومات ما بعد ٢٥ يناير، بدءاً من حكومة الفريق أحمد شفيق، مروراً بحكومة الدكتور عصام شرف، وانتهاءً بحكومة الدكتور كمال الجنزورى!.
والحقيقة أن هذه مذكرات رجل ناجح، استاذ للاقتصاد في الجامعة، وقيادى في حزب التجمع، ثم وزير على رأس وزارة راح هو يطلب إدخال تعديل على اسمها قبل أن يدخلها!.
كان الاسم قبل التعديل هو: وزارة التضامن الاجتماعى.. ولكن تقدير الوزير الجديد القادم من حزب التجمع بالذات، كان أن هذا اسم يحتاج إلى تعديل، ليكون معبراً عن واقع الحال فيما بعد ٢٥ يناير، التي كانت قد رفعت شعار «العدالة الإجتماعية» ضمن شعاراتها الثلاثة الشهيرة!.. وقد وافق شفيق على التعديل ليصبح الاسم هكذا: وزارة التضامن والعدالة الإجتماعية!.
وقد يقول واحد منا: وماذا في اسم؟!.. من جانبى أقول إن الاسم فيه الكثير، وإن الاسم إذا كان شكلاً، فالشكل في النهاية جزء من المضمون.. وهذا في ظنى هو الذي دفع الوزير الجديد أيامها إلى اختيار اسم مختلف، لأن الوزارة التي تولاها إذا كانت ستنشغل بقضية العدالة الاجتماعية بين الناس، فليكن ذلك معلناً على بابها منذ اللحظة الأولى!.
هكذا فكّر وقدّر.. وأنا أوافقه على ما فعل تماماً.. وإنْ كنت أرى أن العدالة الاجتماعية التي انخرط هو في تطبيقها طوال وجوده في الوزارة، هي عدالة تتعلق بالجسد في كيان الإنسان، وأن هناك عدالة اجتماعية من نوع أعلى تتصل بالعقل في الكيان نفسه، وهى لا تتحقق إلا بخدمة تعليمية ممتازة يتلقاها المواطن، باعتبارها حقاً من حقوقه التي لا تقبل الفصال!.
وحين جاء الدكتور الجنزورى ليشكل حكومته في ديسمبر ٢٠١٢، أعطى الدكتور عبدالخالق وزارة التموين بعد فصلها عن وزارة العدالة الاجتماعية، فوافق الرجل على مضض، وأحس بأن انتزاع اسم العدالة الاجتماعية من وزارة تولاها في حكومتين سابقتين هو بمثابة انتزاع جزء حى من جسده!.
وحين غادر الوزارة رفض عرضاً بالعودة لها مرتين: مرة مع الدكتور هشام قنديل، ومرة مع الدكتور حازم الببلاوى، لأنه لم يكن يجد نفسه مع فكر الإخوان، ولا مع أفكار الببلاوى الاقتصادية.. وقد اختار أن يكسب نفسه ويخسر الوزارة!.