بقلم : سليمان جودة
تتمسك الخرطوم بالتفاوض حول سد النهضة بوساطة من الرباعية الدولية، وتؤيدها القاهرة فى ذلك، ولكنى أراه تفاوضًا سوف يؤدى إلى النتيجة السابقة نفسها!.. وأتمنى أن أكون على خطأ فيما أراه، وأن يكون الرباعى قادرًا فى آخر المشوار على تقديم شىء له قيمة!.
والأسباب وراء ما أقوله كثيرة.. ومنها على سبيل المثال أن التفاوض سبق أن جرى فى مرحلة من المراحل بحضور الولايات المتحدة وعلى أرضها، ثم لم نحصل على شىء مختلف!.. جرى هذا وقت ترامب، الذى كان مساندًا ولو شكليًا للموقف المصرى، فما بالنا بإدارة بايدن، التى أعلنت أنها ستفصل بين مساعداتها لإثيوبيا، وبين استعداد أديس أبابا لقطع خطوات إلى الأمام فى موضوع السد!.
إن الرباعية الدولية تضم الولايات المتحدة، والأمم المتحدة، والاتحاد الإفريقى، والاتحاد الأوروبى.. وقد سبق أن جربنا الأولى!
وأما الاتحاد الإفريقى فلقد جربناه هو الآخر طوال سنة كاملة كانت جنوب إفريقيا تتولى رئاسته خلالها، ولم يكن حظ الملف معه بأفضل من حظه مع واشنطن.. وإذا كان هناك شىء جديد يمنحنا بعض الأمل فى استمرار وساطة الاتحاد ضمن جولة جديدة، فهذا الشىء هو أن رئاسته انتقلت فى فبراير من جنوب إفريقيا إلى الكونغو الديمقراطية، التى تظل واحدة من دول حوض النيل الإحدى عشرة!.. وهناك فارق ولو بأى نسبة بين أن تكون الدولة الراعية للتفاوض من فوق منصة الاتحاد الإفريقى دولة إفريقية وفقط، وبين أن تكون إفريقية وعضوًا فى تجمع دول حوض النهر!.
وأما الأمم المتحدة فهى فى الحقيقة ذات عين بصيرة ويد قصيرة، ولا دليل على ذلك سوى مبعوثيها، الذين يروحون ويجيئون فى اليمن وسوريا وليبيا دون التوصل إلى شىء، ودون تحريك القضية التى يروحون ويجيئون فى سبيلها من مكانها.. اللهم إلا ليبيا نسبيًا لأن أبناءها جلسوا معًا فى تونس والمغرب وسويسرا، فاختاروا حكومة انتقالية تذهب بهم إلى 24 ديسمبر، حيث انتخابات الرئاسة والبرلمان!.
ويبقى الاتحاد الأوروبى، الذى لما تداخل فى قضية اليونان مع تركيا بدا محدود القدرات رغم ضخامته وامتداد خرائطه.. فلقد راحت أنقرة تلوى ذراعه فى النهاية ولاتزال!.
ولا يقلل من هذا كله أن إثيوبيا ترفض الذهاب معنا إلى وساطة الرباعى.. فهى تريد وساطات مفتوحة بغير أفق ولا سقف، على طريقة وساطات المجتمع الدولى المتتالية مع إسرائيل لحل القضية فى فلسطين!.. وهى وساطات كانت نتيجتها قضم المزيد من الأرض، وتضييع المزيد من الوقت!.