بقلم: سليمان جودة
آخر رقم عن المشردين فى لبنان يقول إن عددهم يقترب من المليون ونصف المليون، وهذا يعنى أنهم يمثلون ربع عدد السكان تقريبا!.
وكان نجيب ميقاتى، رئيس الحكومة اللبنانية، قد قال فى بدء حرب إسرائيل على بلاده، إن المشردين بسبب الحرب وصلوا مليونا من المواطنين.. ومن بعدها راح العدد يتزايد، وهو بالطبع مرشح للزيادة أكثر وأكثر ما لم تتوقف الحرب.. وآخر الأخبار التى أذاعتها وكالة الأناضول التركية أن ٥٢٠ ألف امرأة وفتاة لبنانية تأثرن بتصاعد حدة الحرب على البلاد!.
وتقول أجهزة الأمم المتحدة إن عمليات القتل والدمار فى شمال قطاع غزة وصلت إلى مستويات مروّعة!.. وتتحدث الأجهزة نفسها عن أن حكومة التطرف برئاسة بنيامين نتنياهو فى تل أبيب تمارس عمليات تطهير عرقى حقيقية فى شمال القطاع، وتكاد وزارة الصحة الفلسطينية تعجز عن إحصاء الأعداد المتصاعدة للقتلى والمصابين كل يوم.
إن أعداد القتلى تقترب من ٤٥ ألفا غالبيتهم من الأطفال، أما المصابون والجرحى فأعدادهم تصل إلى ثلاثة أضعاف هذا الرقم.. والحديث هنا عن الفلسطينيين فى غزة وحدها، أما القتلى والمصابون فى الضفة الغربية فموضوع آخر ورقم مضاف!.
وكان جندى إسرائيلى قد راح يشارك زملاءه القتل فى شمال قطاع غزة وهو يقول إن حكومته أفهمته أن قتل الأطفال واجب دينى!.. وعندما تكلم نتنياهو عن الحرب التى يخوضها ضد الفلسطينيين واللبنانيين قال إنها «حرب الحضارة» وقد رد عليه الرئيس الفرنسى ماكرون فقال: إن حرب الحضارة لا تعنى زرع الهمجية.
وهذا كله مجرد شىء من أشياء، ولكنك إذا وضعته أمام ما ارتكبه هتلر فى حق اليهود أيام الحرب العالمية الثانية فلن يمثل أى شىء بالقياس.. ذلك أن هتلر أخذ عددا من يهود ألمانيا فأحرقهم فى أفران الغاز، ثم طرد وطارد عددا آخر منهم، لكنه لم يكن له شأن ببقية اليهود كشعب فى العالم، ولذلك، فإنه يبدو مسكينا أمام ما ارتكبته وترتكبه حكومة التطرف الإسرائيلية، رغم ما اشتهر به من توحش فى زمانه.
مسكين هتلر بالتأكيد، لأن توحشه لم يصل إلى حد تشريد شعبين فى وقت واحد، وإلا، فماذا تمثل جرائمه فى حق اليهود الألمان أمام تشريد الملايين من الفلسطينيين واللبنانيين معا؟ ماذا تمثل جرائمه أمام ما يتعرض له قطاع غزة الذى قيل عنه إن إعادة إعماره تحتاج ٨٠ سنة؟ ماذا يمثل توحشه أمام توحش يقتل الأطفال ويستهدفهم بالذات؟.. مسكين هتلر وهو يرقب ويراقب هذا كله من مرقده فى العالم الآخر!.