بقلم : سليمان جودة
سوف تشعر بالشفقة على منظمة الصحة العالمية وأنت تراها تصرخ فى كل صباح من مقرها فى مدينة جينيڤ، بينما العالم مندفع فى طريق الخروج من سجن كورونا كما لم يندفع إلى شىء من قبل!.
تصرخ المنظمة من مقرها فى المدينة السويسرية الهادئة، وتعلن أن ڤيروس كورونا يتطور ويتحور، بينما إنجلترا تحطم جدار العزل، وتقرر فتح مطاعمها، وإتاحة مقاهيها أمام روادها، وتخفيف الكثير من القيود التى أثقلت كاهل الناس!.
وتصرخ المنظمة المتهمة أمريكياً بالتواطؤ مع الصين، وتعلن أن عدد الإصابات تجاوز ١١ مليوناً، وأن عدد الوفيات تخطى ٥٣٠ ألفاً، بينما الولايات المتحدة الأمريكية تحتفل فى الهواء الطلق بعيد استقلالها عن التاج البريطانى، دون خوف من ارتفاع الإصابات، ودون خشية من تصاعد الوفيات!.
ففى اليوم الذى أعلنت فيه المنظمة هذه الأرقام عن إصابات كورونا ووفياته.. وكان ذلك فى مساء ٤ يوليو.. كانت إحصاءات جامعة جون هوبكنز الأمريكية تقول إن عدد المصابين الأمريكان فى هذا اليوم بلغ ٥٧ ألفاً، وإن هذه هى الحصيلة اليومية الأعلى منذ بداية الوباء!.
وتصرخ المنظمة التى يتولى إدارتها الإثيوبى تيدروس أدهانوم، بينما إسبانيا دون غيرها من دول العالم تتخوف من صرخات الصحة العالمية، وتقرر العودة إلى العزل فى بعض مناطق من إقليم كتالونيا الشهير، الذى يطل من خلال عاصمته برشلونة على البحر المتوسط!.
ربما تكون إسبانيا بالذات معذورة، فلقد جاءت عليها أيام ذاقت فيها الويلات، عندما هاجمها الڤيروس بلا رحمة فى بداياته، ففقدت موسماً سياحياً كاملاً لم يذهب خلاله إليها سائح يوحد ربنا، وقد كانت من قبل هى الدولة الوحيدة التى تشتهر عالمياً بأن السياح الذين يزورونها سنوياً أكثر من عدد سكانها!.
تصرخ المنظمة المعنية بقضية الصحة فى العالم، ولا تتوقف عن الصراخ وإطلاق صافرات الإنذار، بينما العالم فى عمومه لا يبالى ولا يهتم، ويندفع راغباً فى أن يعيد الحياة إلى طبيعتها، ومدركاً أن توقفها قد زاد على الحد، ولم يعد من الممكن احتماله!.
تصرخ الصحة العالمية التى لا أزال أراها مقصرة فى القيام بما كان يتعين عليها القيام به منذ البداية.. فالمؤكد أن دورها هو طمأنة كل إنسان على حياته، وليس إثارة الفزع فى أنحاء الدنيا.. مهمتها هى التبشير بقرب توفير مصل، وليس الظهور فى كل مناسبة بمظهر الحائر الذى لا يملك حولاً ولا قوة!.. هذه منظمة تتحدث عن جانب فى موضوع كورونا ثم تسكت عن جوانب!.