بقلم : سليمان جودة
قرأت تصريحاً لمحمد العسعس، وزير المالية الأردنى، يقول فيه إن بلاده بصدد الاتفاق مع صندوق النقد الدولى على برنامج تمويلى جديد مدته ثلاث سنوات، وإن الهدف من البرنامج الجديد، الذي يحل محل برنامج مماثل سابق دام ثلاث سنوات أيضاً، هو السعى إلى رفع معدل النمو، الذي لم يتجاوز اثنين في المائة على مدى السنوات العشر الأخيرة!
والحكومة في الأردن هي بالتأكيد أدرى الناس بما يحقق صالح البلاد، وهذا هو المعنى الذي أكد عليه الوزير العسعس، عند الإعلان عن الاتفاق مرة أخرى مع الصندوق!
وهو معنى يُحترم دون شك، ولكن هذا لا يمنعنى من الإشارة من جديد هنا إلى أن الذهاب للصندوق ليس هو العلاج الشافى للمواجع الاقتصادية لدينا، أو لدى الأشقاء في عمان، أو حتى في أي عاصمة عربية أخرى من محيطنا إلى خليجنا!
والحمد الله أن حكومتنا أكدت أنها لا تنوى عقد أي اتفاق جديد مع الصندوق، وأن البرنامج التمويلى الذي عقدناه معه على مدى ثلاث سنوات، تنتهى هذا العام، وحصلنا بمقتضاه على قرض قيمته ١٢ مليار دولار، هو البرنامج الأخير من نوعه، وأنه لا نية لتجديده بأى حال!
وقد كانت حكومة الدكتور مصطفى مدبولى صريحة بما يكفى، عندما قالت، أكثر من مرة، وفى أكثر من مناسبة، إن التعاون مع الصندوق سوف يستمر في مرحلة ما بعد البرنامج التمويلى المنتهى، وإنه سيكون تعاوناً في المسائل الفنية وحدها!
وظنى أن قناعة الحكومة بعدم الذهاب إلى قرض جديد من الصندوق نابعة من قناعة مستقرة لدى الرئيس السيسى بأن اقتصادنا لا يجب أن يعتمد على القروض، ولا على المنح، ولا على المساعدات، وأنه اقتصاد مدعو إلى الوقوف على قدميه بقدراته الذاتية!
هذه قناعة مستقرة لدى الرئيس الذي كشف عنها منذ وقت مبكر، وكان ذلك في كلمته الموجزة التي أعلن من خلالها ترشيح نفسه في السباق الرئاسى للمرة الأولى في مارس ٢٠١٤، وكان في الكلمة نفسها قد أعلن أنه لن يقبل ببقاء الجهاز الإدارى للدولة على ما هو عليه!
وإذا كان هذا الجهاز يعانى من مشاكل عديدة، فالمشكلة الأكبر فيه هي عدد موظفيه، وهى مشكلة حقيقية لاتزال في حاجة إلى حل عملى يتعامل معها!.. واللافت أن المشكلة نفسها قائمة لدى الأردن، وأن الخبراء المختصين هناك يقولون إن بقاءها دون حل يمثل مشكلة أكبر، لأن موظفى الحكومة يلتهمون الجانب الأوسع من الإنفاق العام، الذي من المفترض أن يذهب في الجزء الأكبر منه إلى الصحة وإلى التعليم!.