بقلم : سليمان جودة
السورى فى تركيا مجرد لاجئ يستخدمه الرئيس التركى رجب طيب أردوغان ورقة للمساومة، كلما وجد فرصة يساوم عليه فيها.. لكن السورى نفسه فى القاهرة هو والمواطن سواء.. وهذا هو الفارق الذى لا يجب أن يغيب عن كل صاحب عين ترصد المواقف وتراها!
ولم يحدث فى أى وقت أن طلبت مصر من المجتمع الدولى أن يعطيها المقابل الذى تستطيع به استضافة الإخوة السوريين على أرضها أياً كان عددهم!.. ففى وقت من الأوقات كانت مصر وسوريا بلداً واحداً بحكومة واحدة، ضمن وحدة دامت ثلاث سنوات.. ومن قبل كان محمد على باشا يرى أن أمن مصر القومى يبدأ فيما وراء الحدود السورية شمالاً.. ولاتزال الشوارع فى القاهرة تحمل أسماء سورية.. وتحمل الشوارع فى دمشق أسماء مصرية!
ولكن أردوغان راح يهدد الاتحاد الأوروبى بإطلاق ثلاثة ملايين و٦٠٠ ألف لاجئ سورى فى اتجاه حدود أوروبا، إذا سمى الاتحاد ما قامت به تركيا فى شمال شرق سوريا اجتياحاً!!.. وكأن اقتحام القوات التركية الأراضى السورية له اسم آخر!
وما قام ويقوم به الرجل فى توظيف ورقة اللاجئين ليس حطاً من شأن كل إنسان سورى غادر بلاده مُرغماً، وفقط، لكنه ابتزاز سياسى علنى لا يخجل منه أردوغان ولا يستحى!
وليست هذه هى المرة الأولى التى يفعلها، فلقد فعلها من قبل مرات، وفى كل مرة كان يجد نفسه فى حاجة إلى الحصول على أموال من مقر الاتحاد فى بروكسل لم يكن يتردد ولا كان يفعل ذلك فى الخفاء.. وفى بدايات المحنة السورية راح يفاوض الاتحاد ويساومه، ثم يرفع ورقة اللاجئين ويُلوح بها فى الهواء، حتى حصل على سبعة مليارات يورو!
ولكن المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، فى المقابل، لم تتورط فى فعل ابتزازى من هذا النوع، رغم عدد السوريين الكبير الذى يعيش منذ بدء الأزمة على أرضها!
وقد كانت دائماً ترحب بكل سورى يصل ألمانيا، وكانت ترفض دعوات تطلقها أحزاب يمينية متطرفة لطرد كل لاجئ، وكانت تغامر بشعبيتها وتتمسك بموقفها!.. وقد ثبت فعلاً، فى استطلاعات رأى، أنها خسرت، وأن حزبها خسر فى الشارع السياسى بسبب هذا الموقف!
لكنها لم تغيره وعاشت تدافع عن اللاجئين، وتمنحهم فرصة أخرى للعيش والحياة، وتأبى أن يتحولوا إلى ورقة فى يدها تكسب بها فى بورصة السياسة!
وسوف يذكرها التاريخ ويقذف بأردوغان إلى حيث يجب، وسوف يذكر التاريخ أيضاً أن مصر تعاملت بشرف مع كل سورى لجأ إليها، ولم تتاجر به، ولا بقضيته!