بقلم - سليمان جودة
فى اجتماع مجلس وزراء الداخلية العرب، الذى انعقد هذه السنة فى الجزائر، الأربعاء 7 مارس، خاطب الرئيس، عبدالعزيز بوتفليقة، الحاضرين من الوزراء بكلمة تظل كل عاصمة عربية تحارب الإرهاب على أرضها فى أشد الحاجة إلى أن تتدبر معانيها، وأن تحاربه على أساس من هذه المعانى!.
قال الرئيس الجزائرى، بعد إشارة منه إلى أبعاد الإرهاب، كظاهرة تستهدف العالم كله، ولا تستثنى دولة دون الأخرى، إن الحرب الحقيقية معه تحتاج عملاً مكثفاً على أربعة مستويات: الوعظ الدينى.. التربية والتعليم.. الثقافة.. ثم الإعلام!.
ولا يعنى هذا الترتيب للمجالات الأربعة أن العمل عليها سيكون بهذا الترتيب نفسه.. لا.. فالجهد المكثف المطلوب لابد أن يكون عليها هى الأربعة بالتوازى، وفى وقت واحد.. وإلا.. فالنتيجة التى تسعى إليها كل عاصمة من عواصم العرب فى حربها على الإرهاب لن تتحقق!.
وربما نلاحظ أن «بوتفليقة» لم يتحدث عن الحرب على المستوى الأمنى، ليس لأنه مستوى من العمل غير مطلوب.. بل على العكس هو مطلوب جداً.. ولا لأن الرئيس أراد أن يتجاهله.. فضرورة الحرب على الإرهاب أمنياً وعسكرياً مسألة مفروغ منها.. وإنما لأن التركيز على الحرب من هذا النوع وحده لا يجفف المنابع، ويجعل المدد بإرهابيين جُدد موصولاً طول الوقت!.
وعندما يقول رئيس الجزائر إن المعركة مع العنف المتستر بالدين أربع معارك، لا معركة واحدة، وإن وزارات التربية والتعليم، والثقافة، والأوقاف، والإعلام، طرف مباشر فيها، فلا بديل عن الاستماع له، والإنصات إلى خطابه، والأخذ عنه دون تردد!.
لماذا؟!.. لأن بلده صاحب أقوى وأشهر حرب على الإرهاب فى التاريخ العربى المعاصر.. وقد كانت حرباً دامت عشر سنوات، وكانت فى تسعينيات القرن الماضى، وكانت حرباً ليست ككل الحروب، طولاً، وامتداداً، وحجماً فى الخسائر البشرية غير مسبوق!.
ومنذ وقوعها، لايزال الرقم المعتمد للخسائر فيها على مستوى البشر، من جانب الحكومات الجزائرية المتتالية، مائة ألف إنسان!.
صحيح أن طبيعة الإرهاب فى الجزائر فى تلك العقدية من التسعينيات.. كما يسميها الإخوة الجزائريون هناك.. كانت مختلفة عن طبيعة إرهاب هذه الأيام، ولكن الإرهاب فى النهاية إرهاب.. فهو ملة واحدة!.
ومعنى كلام الرئيس الجزائرى أن الحرب على الإرهاب مكانها المدرسة، والجامعة، وقصر الثقافة، والمسجد، والكنيسة، مع كل وسيلة إعلامية متاحة!.. وبالتوازى معها كلها تعمل قوى الأمن وتمارس دورها الذى لا خلاف عليه ولا على أهميته!.
اسمعوا كلام «بوتفليقة» جيداً لأنه فى مقام المُجرب الذى هو خير من الطبيب!.
نقلا عن المصري اليوم القاهرية