بقلم - سليمان جودة
كلما رأيت الدكتور هشام عرفات، وزير النقل، يتفقد محطة من محطات القطار، أو يفاجئ محطة مترو بالزيارة، أو يصافح بعض الركاب، تذكرت عبارة للدكتور سعد الجيوشى، وزير النقل السابق، أبدى فيها دهشته من أن القطار يخسر، والميكروباص يكسب!.
فكلتاهما وسيلة مواصلات، وكلتاهما تنقل رُكاباً وتحصل على ثمن للخدمة، ومع ذلك، فالأول يخسر دائماً، والثانى يكسب على طول الخط!.
وفى هذه الأيام.. لا يكاد يمر صباح، إلا والوزير فى محطة جديدة، يوجه، ويتابع، ويحاول أن تكون الخدمة التى تقدمها وزارته للمواطنين خدمة آدمية!.
وصباح أمس الأول، دعا المهندس شريف إسماعيل، الدكتور عرفات، والفريق عبدالعزيز سيف الدين، رئيس الهيئة العربية للتصنيع، إلى اجتماع، تقرر خلاله البدء على الفور، فى تجديد عربات نقل الركاب فى قطارات الصعيد والضواحى، بواقع ٤٠ عربة شهرياً!.
وفى الحالتين.. حالة جولات عرفات المستمرة، وحالة اجتماع رئيس مجلس الوزراء به، وبالفريق سيف الدين، نجد أنفسنا أمام رغبة ظاهرة فى أن تكون الخدمة التى تقدمها السكة الحديد، خدمة لائقة، وأن يتوقف نزيف أرواح الناس فى حوادث القطارات!.
وهى رغبة مشكورة، ولكنها لن تتحقق بأى نسبة إذا ما بقيت الإدارة إدارة حكومية.. لن تتحقق ولن يحدث تطوير ولا تجديد، إلا إذا انتقلت الإدارة إلى القطاع الخاص.. وعندها سوف يُدار هذا المرفق المهم بفكر هذا القطاع، وبالمنطق الذى يحكمه، وبالرؤية التى تحكم فلسفته فى العمل!.
لن يحدث مهما تجول الوزير، ومهما عقد رئيس الحكومة من اجتماعات، ومهما جدد من عربات، لأن الإدارة التى أوصلت السكة الحديد- ثانى سكة من نوعها فى العالم- إلى مستواها القائم لا يمكنها تقديم شىء مختلف، ولا فى مقدورها تحويل الخسارة إلى أرباح!.
إن عبارة الوزير الجيوشى تلخص القصة كلها فى كلمات.. فالميكروباص يكسب لأن له صاحباً يملكه، ويديره، ويحرص على كل قرش فيه.. والعكس تماماً موجود فى حالة القطار الذى لا صاحب له، وإذا كان له صاحب فى صورة الحكومة، فهى آخر مَنْ يدير، وإذا أدارت فإنها لا تعرف، ولو كانت تعرف ما كان هذا هو حال القطارات فى كل اتجاه!.
وظيفة الحكومة أن تضع معايير الخدمة الآدمية، وأن تراقب تقديمها.. أما الخدمة، وأما الإدارة، وأما تحقيق الربح، فكلها شُغل القطاع الخاص، الذى لن يقبل تشغيل قطار خاسر، ولن يعطى أجراً لموظف «تنبل» لا يعمل، ولن يصرف أرباحاً فى شركة خاسرة!.
هاتوا من الآخر، وأعطوا السكة الحديد للقطاع الخاص، وأراهن على أنها ستعود كما كانت وأحسن!.
نقلا عن المصري اليوم القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع