بقلم : سليمان جودة
أعلنت إيران تعطيل الدراسة في المدارس والجامعات وتأجيل المسابقات الرياضية، وقالت السلطات الإيرانية إن السبب هو ارتفاع معدل تلوث الهواء في العاصمة طهران، وفى عدد من المدن الصناعية الكبيرة، وذكرت أن التلوث زاد عن الحدود المسموح بها عالميًا!.. ونصح محمد تقى زاده، نائب محافظ طهران، بعدم الخروج إلا للضرورة القصوى، وقرر حظر دخول الشاحنات والمركبات الثقيلة إلى شوارع العاصمة!.
وقالت ليلى نظرى، المتحدثة باسم شركة طهران لقياس جودة الهواء، إن التلوث بلغ في عاصمة البلاد ١٤٢ ميكروجرام/ متر، وأنها نسبة عالية للغاية، وأن استمرارها يجعل الأجواء غير مناسبة للتنفس، وبالذات بالنسبة للذين يعانون من مشاكل صحية!.
وليست هذه هي المرة الأولى التي تعطل فيها إيران المدارس والجامعات وتؤجل المسابقات الرياضية، فلقد فعلتها في ١٣ نوفمبر، بعد أن نقلت وكالة الأنباء الرسمية وقتها عن مسؤول في وزارة الصحة، أن تصاعد معدلات التلوث وضع طهران بين ١٢ مدينة هي الأعلى تلوثًا في العالم!.
ولم تكن إيران وحدها في هذا الطريق، فالهند كانت هي الأخرى قد عطلت الدراسة في المدارس والجامعات أول نوفمبر، وكان التلوث هو السبب أيضًا، وكانت وسائل الإعلام قد نقلت صورة من سماء العاصمة الهندية نيودلهى، وكانت الصورة تشير إلى سحابة كثيفة من الغبار تحيط بالعاصمة وتغلفها من كل اتجاه!.
والصورة ذاتها تقريبًا نقلتها وسائل الإعلام من سماء طهران، وكأن التلوث عدوى طارت بين البلدين، وتكاد تنتقل منهما إلى عواصم أخرى في المنطقة.. ولا أتمنى أن تكون القاهرة من بين هذه العواصم، ولكن الأمور في مثل هذه الحالات لا تؤخذ بالتمنيات!.. فالزحام في قاهرة المعز أعلى منه في طهران وفى نيودلهى، لأن عدد السكان هنا أكبر، ولأن السيارات التي تجرى في شوارع عاصمتنا أكثر!.
والسؤال هو: هل لدينا هيئة تقيس معدلات التلوث كما هو الحال في طهران، بحيث تعلنه أولًا بأول على الناس؟!.. وإذا كانت موجودة فلماذا لا نسمع صوتها؟!.. وإذا لم تكن موجودة فلماذا لا نسارع إلى إنشائها حتى يكون المسؤول عن العاصمة على بينة يومية بحجم التلوث في سمائها، وبما يجب عليه أن يفعله إنقاذًا لأهلها وزائريها من الموت اختناقًا؟!.
القاهرة في أشد الحاجة إلى هيئة مماثلة للهيئة الإيرانية، لتكون هي البوصلة التي يفهم منها المحافظ المسؤول ماذا عليه أن يفعل، ومعه مواطنوها الذين سيكون عليهم أيضًا أن يشاركوا في إنقاذ مدينتهم.. فمواجهة التلوث ليست مسؤولية الحكومة وحدها، ولكن مسؤولية مشتركة بينها وبين كل مواطن!.. القاهرة تستحق هواءً أفضل، وتنتظر اهتمامًا من نوع مختلف!.