بقلم - سليمان جودة
تتعامل روسيا معنا بلا قلب، فتفرض حظراً على صادراتنا إليها، مرة، ثم تفرض حظراً آخر على مجىء سياحتها إلى شرم الشيخ، مرةً ثانية!.. وإذا كان الحظر الأول قد انتهى، ابتداءً من اليوم، فالثانى لايزال قائماً دون مبرر مفهوم، ولابد له من نهاية قريبة!.
وبالطبع.. فلا مكان للقلب فى السياسة وفى علاقات المصالح بين الدول، ولكن عندما نقرأ فى صدر الصفحة الأولى من الأهرام يوم ١٨ إبريل كلاماً لمدير شركة روساتوم الروسية، التى ستنفذ مفاعلات الضبعة، يقول فيه إن حجم تعاقدات الشركة مع حكومتنا وصل إلى ٦٠ مليار دولار، فالمتوقع أن يكون عائد العلاقة بين البلدين فى اتجاهين.. لا اتجاه واحد!.
ولكنه يبدو حتى الآن فى اتجاه واحد.. اتجاه موسكو طبعاً، لا اتجاه القاهرة!.. وأمامنا بدلاً من الدليل الواحد دليلان اثنان.. أولهما دليل صادرات البطاطس التى عادت اليوم، بعد حظر استمر ٣ سنوات كاملة، ولولا جهد متواصل من وزارتى التجارة والزراعة لكان حالها هو نفسه حال شرم، التى عانت كما لم يحدث أن عانت مدينة سياحية مثلها.. ولاتزال تعانى!.
وعندما تقرأ فى تفاصيل عودة الصادرات تكتشف أن الحكومة الروسية عاقبت ٨ مناطق كاملة من مناطق زراعة المحصول، لمجرد أن مرضاً يصيبه قد ظهر فى مزرعة هنا، أو مزرعة هناك، وتكتشف أن المهندس طارق قابيل، وزير الصناعة والتجارة، لايزال يحاول إقناعهم بأن تختلف طريقة التعامل فى المستقبل، وبألا يأخذوا الصالح من المحصول بالطالح!.
وكانت الوفود الأمنية تأتى من موسكو، وفداً وراء وفد، منذ حادث سقوط طائرة السياح الروسية فوق سيناء، للتأكد من سلامة إجراءات الأمن فى مطار مدينة شرم.. وكان كل وفد يعود ليعلن أن الطريق إلى المدينة آمن تماماً.. وكنا فى النهاية نُفاجأ بعد مماطلة، وبعد تسويف، بأنهم أعادوا الطائرات الروسية إلى القاهرة!!.. مع أن الكلام كله كان- ولايزال- عن عودتها إلى شرم!.
وباختصار.. فإن حكومة القيصر بوتين تتعامل معنا أسوأ معاملة، كأنها لا تعرفنا، ولا نعرفها.. أو كأن عقد الضبعة الباهظ حق مكتسب لها، ولم يكن من الممكن أن يذهب لحكومة غيرها.. أو كأن لها أن تردد ما تشاء وأن نردد نحن وراءها فى المقابل: آمين!.
ولو أنها وجدت لغة مختلفة من حكومتنا، بما يحمى مصالحنا معها، بالتوازى مع مصالحهم معنا، لكانت الصادرات قد عادت من زمان، ولكانت شرم قد ودعت الكساد الذى تتنفسه فى كل صباح!.
نقلا عن المصري اليوم القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع