بقلم : سليمان جودة
أصدر عبدالجليل الساعدى روايته الجديدة «عرب فى لندن على ضفاف التايمز» عن مؤسسة الرحاب الحديثة للطباعة والنشر والتوزيع فى بيروت!
الساعدى كاتب وإذاعى ليبى بارز، وهو شاعر أيضاً، وبالطبع ليست هذه هى المرة الأولى التى يضع فيها اسمه على كتاب، فمن قبل كان قد أصدر ديوانه «أجنحة الأحلام».. وكان قد وقّع عقد إصدار كتاب فى العاصمة الليبية طرابلس، ثم لم يعرف بعدها أين كتابه، ولا ما إذا كان قد صدر؟!.. فبعد التوقيع غادر إلى لندن حيث عمل وعاش، وحيث تمنى لو أن بلاده تعود إليها الحياة، ومع الحياة يعود أبناؤها الذين أضناهم طول الغياب!
ولكن روايته التى أتحدث عنها شىء آخر، لأنها توثق روائياً لتجارب عدد من الشباب العرب، وجدوا أنفسهم خارج بلادهم يعملون فى عاصمة الضباب البريطانية، واكتشفوا أن الصدفة التى جمعت بينهم قد راحت تفرقهم واحداً من بعد واحد!
ولا تستطيع وأنت تقرأ الرواية إلا أن تتذكر رواية «شقة الحرية» للدبلوماسى السعودى غازى القصيبى، الذى كان قد أصدرها قبل بضع سنوات مصوراً حياة مجموعة من الشباب العرب، اجتمعوا هُم أيضاً بأفكار متباينة فى شقة فى القاهرة على ضفاف النيل، ولم يكونوا على ضفاف التايمز الذى يشق العاصمة البريطانية، كما يشق السين عاصمة النور!
فى رواية الأستاذ عبدالجليل تدور الأحداث داخل دار الأطلال للنشر، التى تخصصت فى طبع النصوص القديمة وترجمتها إلى العربية والإنجليزية.. وقد كان اختيار هذا الاسم لها عن هدف.. فالأحداث فى الروايات عموماً ليست وحدها التى تشير إلى المعانى من بعيد، وإنما للأسماء كذلك مدلولها الذى لا يخفى عن القارئ الحصيف!
الأبطال فى رواية الساعدى مشغولون بالماضى ومشدودون إليه، ولا يكاد اثنان منهم يلتقيان حتى يكون الماضى ثالثهما.. إلا الشابة «أمل» بينهم.. فلقد كانت هى الوحيدة التى تدعو فى كل نقاش يدور إلى أن يتطلعوا للأمام، بأكثر مما يلتفتون إلى الخلف!.. فكأن دار الأطلال هى أرض العرب، وكأن «أمل» هى رهانهم الوحيد الذى لا بديل عن أن يكون شاغلهم الشاغل!
ولأن للرواية جزءين آخرين، ولأن الثانى على وشك الصدور، ولأن اختيار اسم «أمل» كان عن قصد ضمن باقى الأبطال، فالرهان فى الثانى والثالث سوف يظل عليها فى النص وعليه فى الحياة.. فلايزال الأمل هو الطاقة التى تحفظ على الإنسان أسباب الوجود، ولايزال هو تقريباً الشىء الوحيد الذى يتبقى لدى كل عربى يراهن عليه فى المستقبل.. مستقبل ليس كالحاضر الذى نعيشه ونراه!