بقلم : سليمان جودة
لقاء الرئيس مع رئيس وزراء إثيوبيا حول سد النهضة، فى موسكو، آخر الشهر، لابد أن ينجح، ولكن نجاحه يحتاج أدوات مُساعِدة على مستويات أخرى دون مستوى الرئاسة!
وقبل أيام.. كان السفير حمدى لوزا، نائب وزير الخارجية للشؤون الإفريقية، قد استدعى سفراء الصين وألمانيا وإيطاليا فى القاهرة، وأبلغهم استياءنا من استمرار عمل شركات تتبعهم فى السد، رغم علم حكوماتهم بأن الدراسات الفنية الخاصة بالمشروع لم تكتمل، وبأن هناك خلافًا بيننا وبين الحكومة الإثيوبية حول هذا الشأن، وبأن إثيوبيا لا تتعاون كما يجب فى الموضوع!
وهذا الاستدعاء للسفراء الثلاثة يمثل أداة من الأدوات التى أقصدها، ولكن الذين فكروا فيه مدعوون إلى قطع خطوات أخرى أوسع مع الدول نفسها!.. فبيننا وبينها من المصالح على المستوى الاقتصادى ما يجعلنا نشير لها بشكل مباشر إلى أن مصالحها الاقتصادية الضخمة معنا، حاليًا وفى المستقبل، أبقى من مصلحة آنية يمكن أن تعود على شركاتها من وراء السد!
أذكر هنا ما حدث على المستوى العربى البرازيلى، عمومًا، وعلى المستوى المصرى البرازيلى، خصوصًا، عندما قرر الرئيس البرازيلى، جايير بولسونارو، نقل سفارة بلاده فى إسرائيل من تل أبيب إلى القدس.. كان ذلك فى أول هذا العام، وقد لوّحت مصر والعرب أمامه بحجم واردات المنطقة من لحوم البرازيل، وكيف أنها بمليارات الدولارات، ثم كيف أنها سوف يُعاد فيها النظر تمامًا، إذا ما صمم «بولسونارو» على قرار نقل السفارة!
ورغم أن رئيس وزراء إسرائيل كان قد سارع إلى زيارة البرازيل لتشجيع الحكومة البرازيلية على المضى فى القرار، فإن الرئيس هناك حسبها بالورقة والقلم، وقرر تأجيل نقل سفارة بلاده لأنه عرف أن خسائره الاقتصادية ستكون كبيرة!
شىء قريب من هذا يمكن أن يكون مع بكين، التى تدرك حجم التعاملات الاقتصادية بيننا وبينها تصديرًا واستيرادًا، ويمكن أن يكون مع برلين، التى تعرف حجم أعمالها مع القاهرة فى مجال الكهرباء بالذات، ويمكن أن يكون مع روما، التى ترى مساحة العمل معنا على مستوى الغاز على سبيل المثال!
ما حدث مع البرازيل لم يكن تهديدًا لها من جانبنا، عربًا ومصريين، ولكنه كان نوعًا من استعراض الأوراق المؤثرة على المائدة.. وهذه مسألة يمكن أن تكون واردة وفاعلة مع الدول الثلاث.. فلا شىء أقوى من لغة الاقتصاد بين الدول!