بقلم - سليمان جودة
الرصاصات التى استهدفت أقباطاً أبرياء فى المنيا، أمس الأول، كانت محل إدانات واسعة على مستوى عواصم شتى فى أنحاء العالم، ولكنى توقفت بشكل خاص أمام الإدانة التى صدرت عن الجزائر، ليس لأنها إدانة قوية فى لغتها، ولا لأنها واضحة فى معانيها، ولا لأنها تعنى ما تشير إليه كل كلمة فيها، ولا حتى لأنها موجزة فيما تريد أن تقوله، فكل هذا مفروغ منه ومفهوم، وإنما لأنها صادرة عن دولة سبق أن واجهت موجة عاتية من الإرهاب، كما لم يتكرر مع دولة مثلها!
لقد قرأت أشياء متفرقة فى الصحافة عن الإدانة الجزائرية فى اليوم التالى للحادث المؤسف، ولكن السفير نذير العرباوى، سفير الجزائر فى القاهرة، كان قد سبق فأرسل لى نص بيان الإدانة فى لحظة صدوره فى الجزائر العاصمة، على لسان عبدالعزيز بن على شريف، الناطق باسم وزارة الخارجية!
مما قاله بن على شريف: «إننا ندين بشدة هذا الاعتداء. ثم قال: هذا العمل الإرهابى الشنيع، الذى استهدف كالعادة أشخاصاً أبرياء، يُميط مرة أخرى اللثام عن الوجه البشع للإرهاب الذى ينتهك جميع القيم والمبادئ، ولا يتورع عن الاعتداء على قداسة الحياة الإنسانية!».
وقال فى فقرته الأخيرة: بلادنا التى عانت من هذا الإرهاب الأعمى والدموى، والتى نجحت فى دحره، على قناعة بأن مصر القوية بتضامن مؤسساتها وتلاحم شعبها ستتمكن فى الأخير من القضاء على هذه الآفة الدخيلة على ديننا وقيمنا!
هذه فقرات بالحرف من البيان، ومنها يستطيع القارئ الكريم أن يرى أن صياغة نص الإدانة صادرة عن إحساس عميق بكل كلمة فيه، وليس عن مجرد رغبة فى الخروج على الناس بكلام إنشائى، لا يصل بطبيعته إلى قلب المتلقى ولا إلى وجدانه!
والأشقاء فى الجزائر ينطبق على تجربتهم مع الإرهاب عبارة من ذهب قال فيها الإمام على بن أبى طالب: مَنْ ذاق.. عرف!
وقد ذاقوا هُم ويلات العنف المتستر بالدين، على امتداد عشر سنوات كاملة هى تسعينيات القرن الماضى، كما لم يحدث أن ذاقته دولة فى العالم.. وليس سراً أن العنف المجنون أسقط هناك ما يقرب من مائة ألف جزائرى من المواطنين الأبرياء!.. وليس سراً أيضاً أن أول زيارة خارجية للرئيس السيسى كانت إلى الجزائر، التى تملك تجربة فى مقاومة آفة العصر، لا تملكها دولة سواها، فكانت زيارة مبكرة فى الاتجاه الصحيح!
نقلا عن المصرى اليوم القاهرية