بقلم : سليمان جودة
على مدى أسبوع كامل وقف العالم حائرا تائها، بين جائحة ڤيروس كورونا وجانحة قناة السويس.. ومن قبل كان قد أنهى عاما تعيسا تطارده فيه الجائحة.. ثم خطا إلى العام الثانى وهو لا يعرف متى الخلاص منها ولا كيف؟!.. فكلما بدت بادرة للأمل فى آخر نفق كورونا، بدا فى مقابلها ما يكاد يبدد الأمل فى الخلاص القريب!
أما السفينة الجانحة فلقد ربضت فى قناة السويس أسبوعا، فأطارت النوم من عين العالم وجعلته يقف خائفا يترقب وهو يتساءل فيما يشبه اليأس: متى تعود القناة إلى طبيعتها التى عاشت عليها قرنا ونصف القرن؟!.. وقد عادت قبل ساعات من الآن بفضل من الله!
ولن يقلل من استعدادات إدارة القناة لإعادة الملاحة فيها إلى طبيعتها ما جرى تداوله بعد تعويم السفينة بساعات عن عودتها للجنوح من جديد!
إن الإنسان لا يشعر بوجود أى جزء فى جسده إلا إذا أصابه ألم.. وهذا بالضبط ما حدث فى كيان العالم حين جرى فى القناة ما جرى.. فعندها أصاب حركة النقل البحرى ما يقترب من الشلل التام، وعندها راح كثيرون من حولنا يبحثون عن بديل، ولكنهم اكتشفوا ألا بديل رغم ما سمعناه هنا وهناك عن بدائل شتى، ليس لأنها قناتنا ولا لأننا نتعصب لها، ولكن لأنها لاتزال الأسرع فى نقل السلع، ولاتزال الأقصر فى الوصل بين الصين فى أقصى جنوب شرق آسيا، وبين هولندا فى أقصى شمال أوروبا!
وعلينا أن نلتفت إلى أن تعويم السفينة بداية موضوع لا نهايته، وسوف لا يتحقق ذلك إلا إذا فهمنا ماذا على وجه التحديد حدث فى مسألة السفينة؟!.. هل حقا مالت بهذا الشكل بفعل الرياح أم بفعل أشياء أخرى؟!.. إننى أخشى أن تكون فى القصة أشياء أخرى.. وإلا.. فلماذا لم يحدث هذا ولا مرة واحدة منذ افتتاح القناة فى ١٨٦٩؟!.. فمنذ ذلك التاريخ تعبر السفن العملاقة من نوعية السفينة الجانحة، وتهب الرياح قوية فى مواسم السنة، ولم يحدث أن جنحت سفينة فى مكانها؟!
فماذا جرى؟!.. هذا سؤال سيظل يبحث عن جوابه حتى يجده.. وإجابته لا بد منها خصوصا إذا استحضرنا فى أذهاننا ما قاله كاظم جلالى، سفير ايران لدى موسكو، عن الممر البديل للقناة.. وهو ما أشرت إليه فى هذا المكان صباح الأمس!
ثم سؤال آخر: هل كان الرهان خارج الحدود على عدم قدرة القاهرة على حل الإشكال سريعا؟!.. أظن أن عروض المساعدة الدولية فى عملية تعويم السفينة كانت تنطوى فى باطنها على شىء من هذا؟!.. نخطئ إذا تعاملنا مع تعويم السفينة على أنه نهاية موضوعها!