بقلم : سليمان جودة
أدعو الدكتورة إيناس عبدالدايم، وزيرة الثقافة، إلى طلب نسخة من كتاب الدكتور جلال مصطفى السعيد، الصادر عن الهيئة العامة للكتاب، والذى أشرت إليه فى هذا المكان قبل أيام.. الكتاب سيرة ذاتية شيقة تقدم الكثير من الدروس للشباب بالذات، ثم تركز على درس التفوق، الذى صاحب الدكتور جلال فى دراسته وفى عمله!
يستطيع كل شاب أن يجد فى السيرة ما يدفعه إلى أن يتفوق باستمرار، وما يقنعه بأن التفوق كفيل بفتح كل الأبواب فى طريقه، تماماً كما فتحها أمام صاحب السيرة فى الكثير من مواقع العمل العام!.. ولكن السؤال هو: كم شاباً يستطيع أن يشترى النسخة بمائة وخمسة جنيهات؟!.. إننى لا أصدق أن تباع النسخة الواحدة بهذا الرقم، بينما دار النشر هى هيئة الكتاب الحكومية، التى نشأت فى الأصل لتتيح الكتاب.. أى كتاب.. بجنيهات قليلة تكون فى مقدور المواطن الذى لا يملك المال الكثير!
أثق فى أن الدكتورة إيناس لن تقبل أن يباع كتاب بهذا السعر من دار نشر تتبعها، فالوزيرة تعرف مدى حيوية القراءة فى تكوين عقل الإنسان، وتعرف أن الأعمال الفنية، التى بادرت هى بإتاحتها للمواطنين عبر قناة الوزارة على «يوتيوب»، تحتاج إلى أن تكون مقرونة بإتاحة الكتاب للناس بالدرجة نفسها من التيسير فى ظروف هذا الوباء.. وفيما بعد الوباء!
وأنا أضرب مثالاً بكتاب الدكتور جلال لأنه من أحدث إصدارات الهيئة، ولأن إشارتى إليه كانت تنطوى على دعوة عامة إلى قراءته، ولكن السعر سوف يقف بالتأكيد فى طريق هذه الدعوة من جانبى.. وهذا ما أطالب الدكتورة «عبدالدايم» بأن تجد له حلاً!
والحل لابد أن يكون مع إصدارات الهيئة كلها طبعاً، وليس مع السيرة المشار إليها فقط، وقد كان فى إمكان الهيئة أن تطبع هذه السيرة على ورق من النوع العادى، بدلاً من الورق المصقول، فيهبط سعرها إلى ما يجعلها فى طاقة القارئ العادى!
الدولة تدعم توافر السلع الأساسية بكل ما تستطيع، ولكن السلع الأساسية لا تتوقف عند حدود الرغيف، والسكر، والزيت.. فالكتاب سلعة هو الآخر، ودعم الدولة فى اتجاه توفيره يجب أن يتوازى مع دعم كل سلعة أساسية لأنه أداة أساسية فى تشكيل العقل، ولا غنى للدولة عن عقول مواطنيها فى كل معاركها، سواء كانت معارك فى الداخل أو فى الخارج!.. والدكتورة إيناس أدرى الناس بذلك بحكم موقعها أولاً، ثم بحكم فنها، الذى تعرف مدى حدوده فى تشكيل الوجدان.