بقلم - سليمان جودة
أمامى صورة من خطاب الدعوة الذى جاء إلى الدكتور شوقى علام، مفتى الديار المصرية، فى ٥ إبريل من هذه السنة!.الخطاب كان يدعوه إلى الحديث أمام منصة فى بريطانيا تتبع جامعة أكسفورد العريقة، وكان يُعظم من دوره فى مقاومة الفكر المتطرف، وكان يخبره بأن الذين سبقوه إلى الحديث أمام هذه المنصة شخصيات ذات وزن دولى رفيع من نوعية الملكة إليزابيث والرؤساء الأمريكان نيكسون وكارتر وريجان وكلينتون.. ومن بعدهم الزعيم الروحى الدلاى لاما وألبرت أينشتاين والأم تريزا.. إلى آخر القائمة الطويلة!.
وقد ذهب الدكتور شوقى وخاطب العالم من فوق منصة أكسفورد ولم يخاطب بريطانيا وحدها.. وهذه حقيقة لا مبالغة فيها.. لأن عدد الذين يتابعون قناة المنصة على «يوتيوب» يصل إلى ١٥ مليون متابع.. ومن قبل المنصة كان المفتى قد تحدث أمام مجلس العموم البريطانى، وأمام مجلس اللوردات، وكان قد ذهب إلى المكتب الثقافى المصرى فى عاصمة الضباب ليلتقى مع الجالية المصرية!.
وراء هذه الزيارة المهمة يقف الأستاذ سمير تكلا، أمين عام المجموعة البريطانية المصرية فى البرلمان الإنجليزى، وهو رجل لا يرى شيئًا يخدم بلده أو يضيف له فى بريطانيا إلا ويبادر إليه!.
وكنت قد استمعت إلى حديث تليفزيونى للدكتور علام على شاشة عربية فى رمضان، وكان قد لفت انتباهى فيه أن الرجل يتميز بالشجاعة والحكمة فيما قال إنه يقدمه من خلال موقعه فى دار الإفتاء، وأنه منشغل بإزاحة الغبار الذى يُلقيه الفكر المتطرف على صورة الإسلام فى العالم، وأنه مهتم بأن يبين للناس أن هذا الدين هو دين سماحة، واعتدال، وانفتاح على الدنيا.. ولكن المشكلة أن الذين تابعوا حديثه فى شهر الصيام هم طبعًا المشاهدون المصريون، ومعهم المشاهدون العرب وفقط.. وقد تمنيت يومها لو يسمع العالم أفكاره فلا تظل منحصرة داخل دائرتها المصرية أو حتى العربية!.
وقد جاءت جولته البريطانية لتمنحه هذه الفرصة، ثم تمنح بلدنا الفرصة ذاتها معه أيضًا.. ولذلك.. فالشكر لابد أن يكون من الدولة هنا فى القاهرة إلى الأستاذ تكلا هناك فى لندن على أنه فكر فى تنظيم زيارة كهذه، وعلى أنه تمسك بإتمامها وإنجاحها، لنتكلم مع العالم من حولنا بدلًا من الكلام مع أنفسنا أغلب الوقت!.
الحفاوة التى كانت فى انتظار المفتى فى بريطانيا تقول إن لدينا ما نقدمه فى العاصمة البريطانية وغيرها، وإن علينا أن نسعى إلى ذلك ولا ننتظر.. والاحتفاء به فى خطاب الدعوة يقول إن هذه المنصة الكبيرة التى احتفلت بأفكاره وقدمتها لمتابعيها يجب ألّا تكون المنصة الأخيرة!.. وإذا كان مفتى الديار هو أول شخصية مصرية رسمية تتحدث أمامها، فلابد أن تأتى من ورائه شخصيات أخرى تعبر عن ثراء مصر الثقافى، وترسم ملامح وجهها، وتسعى إلى تقديمه للناس!.