بقلم : سليمان جودة
من الأستاذ صلاح ترجم جاءت رسالة تقول الآتى: استوقفنى في مقالك «هدية لكل فقير» أن علماء الاقتصاد الأمريكان الثلاثة، الذين حصلوا على جائزة نوبل هذا العام، استخدموا التعليم سلاحاً للقضاء على الفقر في بعض دول آسيا وإفريقيا، وأن الهند كانت من بين هذه الدول!.. ورأيى أن هذه التجربة قد تنفع في بلد دون آخر، ففى الهند، التي قام بها العلماء الثلاثة بتجربتهم، كان معدل البطالة 2.5 % خلال العام الماضى، ولكن المعدل في مصر في نفس العام زاد على 10%، وفقاً لمؤشرات منظمة التعاون الاقتصادى والتنمية!.
وتقول الرسالة: سلاح التعليم في مجتمع يعانى من البطالة، ومن العجز في التنمية والإنتاج، لن يؤتى ثماره، ولا نزال نذكر أن وزارة التربية والتعليم طلبت مدرسين للمرحلة الثانوية بأجر، وبالحصة، ولمدة أسبوعين فقط، فتقدم لها عدد هائل من حاملى شهادات الماجستير والدكتوراة، وكان هذا دليلاً على وضع حاملى هذه الشهادات العالية، فما بالنا بحاملى الليسانس والبكالوريوس... فهل حل التعليم مشكلة الفقر؟!.
انتهت الرسالة.. وتعقيباً عليها أسجل شيئين اثنين، لا يلتفت إليهما كثيرون ممن يتعرضون لموضوع التعليم بالذات.. أما الشىء الأول فهو أن التعليم ليس شكلاً، ولكنه مضمون بالأساس، فإذا عجز عن حل مشكلات المجتمع، فتأكد أنه تعليم شكل.. لا تعليم مضمون!.
ولا أزال أذكر أن الدكتور أحمد نظيف كان قد قال، أثناء وجوده على رأس الحكومة قبل ٢٥ يناير، إن حكومته تريد أن تضمن وجود مكان لكل تلميذ في المدرسة، ولا أزال أذكر أيضاً أنى كتبت أرد عليه وقتها وأقول، إن الهدف ليس وجود مكان، ولكن الهدف هو وجود تعليم حقيقى، وإلا، فإن التلميذ سوف يروح ويجىء، بين المدرسة والبيت، دون فائدة في حياته ولا في المجتمع بالإجمال!.
والشىء الثانى أن المفارقة حالياً أن هناك فرص عمل كثيرة في سوق العمل، وأن خريجينا لا يستطيعون الحصول عليها، لأن تعليمهم لم يؤهلهم لها، ولأنهم حصلوا من مدارسهم وجامعاتهم على شهادات لا على تعليم.. ولذلك، فالشركات التي تقبل أحداً منهم تجد نفسها مضطرة إلى إعادة تأهيله من جديد، وتنسى تماماً أنه دخل مدرسة أو جامعة، لأنها تكتشف أن مستواه يشير إلى أنه لا راح ولا جاء!.